للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرّماد مسحوقا، فيقرّ على «١» ما عنده شيئا بعد شىء، حتى إذا فرغ ما عنده لا يصدّقه صاحبه على ذلك، فلا يزال يكرّر عليه العذاب حتى يموت، ويعاقب ميّتا مخافة أن يتماوت. ومنهم من كان يعلّق المعذّب بإبهام يديه فى سقف الدار ويشعل النار تحته، ويطول تعليقه، فربمّا يسقط فيها، فيسحب من النار ويلقوه على الأرض حتى يفيق، ثم يعلّقه ثانيا.

واستمرّ هذا البلاء والعذاب بأهل دمشق تسعة عشر يوما، آخرها يوم الثلاثاء ثامن عشرين شهر رجب من سنة ثلاث وثمانمائة، فهلك فى هذه المدّة بدمشق بالعقوبة والجوع خلق لا يعلم عددهم إلّا الله تعالى.

فلما علمت أمراء تيمور أنه لم يبق بالمدينة شىء خرجوا إلى تيمور، فسألهم: هل بقى لكم تعلّق فى دمشق؟ فقالوا: لا؛ فأنعم عند ذلك بمدينة دمشق على أتباع الأمراء فدخلوها يوم الأربعاء آخر رجب، ومعهم سيوف مسلولة مشهورة وهم مشاة، فنهبوا ما قدروا عليه من آلات الدّور وغيرها، وسبوا نساء دمشق بأجمعهنّ، وساقوا الأولاد والرجال، وتركوا من الصغار من عمره خمس سنين فما دونها، وساقوا الجميع مربوطين فى الحبال.

ثم طرحوا النار فى المنازل والدّور والمساجد، وكان يوم عاصف الريح، فعمّ الحريق جميع البلد حتى صار لهيب النار يكاد أن يرتفع إلى السحاب، وعملت النار فى البلد ثلاثة أيّام بلياليها آخرها يوم الجمعة.

وكان تيمور- لعنه الله- سار من دمشق فى يوم السبت ثالث شهر شعبان «٢» بعد ما أقام على دمشق ثمانين يوما، وقد احترقت كلّها وسقطت سقوف جامع بنى أميّة