من الحريق، وزالت أبوابه وتفطّر رخامه، ولم يبق غير جدره قائمة. وذهبت مساجد دمشق ودورها وقياسرها «١» وحمّاماتها وصارت أطلالا بالية ورسوما خالية، ولم يبق بها [دابة تدبّ «٢» ] إلّا أطفال يتجاوز عددهم [آلاف «٣» ] فيهم من مات، وفيهم من سيموت من الجوع.
وأمّا السلطان [الملك الناصر «٤» فرج] فإنّه أقام بغزّة ثلاثة أيام، وتوجّه إلى الدّيار المصريّة بعد ما قدم بين يديه آقبغا الفقيه أحد الدوادارية، فقدم إلى القاهرة فى يوم الاثنين ثانى جمادى الآخرة، وأعلم الأمير تمراز نائب الغيبة بوصول السلطان إلى غزّة، فارتجّت القاهرة، وكادت عقول الناس تزهق، وظنّ كلّ أحد أن السلطان قد انكسر من تيمور، وأنّ تيمور فى أثره، وأخذ كلّ أحد يبيع ما عنده ويستعدّ للهروب من مصر، وغلا أثمان ذوات الأربع حتى جاوز المثل أمثالا.
فلما كان يوم الخميس خامس جمادى الآخرة المذكور قدم السلطان إلى قلعة الجبل ومعه الخليفة وأمراء الدولة ونوّاب البلاد الشامية، ونحو ألف مملوك من المماليك السلطانية، وقيل نحو الخمسمائة.
ثم فى يوم السبت سابع جمادى الآخرة المذكور أنعم السلطان على الوالد بإمرة مائة، وتقدمة «٥» ألف بالدّيار المصريّة كانت موفّرة فى الديوان السلطانىّ، بعد استعفائه