للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم فى يوم الثلاثاء وقع بالديار المصرية فتنة، وكثر الكلام بين الأمراء إلى أن اتفق جماعة من المماليك الچركسية وسألوا السلطان القبض على الوالد وعلى الأمير دمرداش المحمدى، وعلى الأمير أرغون من بشبغا وجماعة أخر من كون السلطان اختص بهم، وتزوّج بكريمتى على كره من الوالد، وكونه أيضا أعرض عن الچراكسة وأمسك إينال باى، فخافوا أن تقوى شوكة هؤلاء عليهم، واتفقوا واجتمعوا على الأتابك بيبرس، وتأخروا عن الخدمة السلطانية، وكثر كلام القوم فى ذلك إلى أن طلب السلطان الأمراء واستشارهم فيما يفعل، فقال له دمرداش:

المصلحة [تقتضى] قتالهم «١» ، وأنا كفء هؤلاء الچراكسة، والسلطان لا يتحرك من مجلسه فنهره الوالد وقال له ما معناه: نقاتل من؟ نقاتل خشداشيّتك «٢» ، كلّنا مماليك السلطان ومماليك أبيه مهما شاء السلطان فعل «٣» فينا وفيهم.

هذا وقد ظهر الملل على السلطان من كثرة الفتن، ولحظ الوالد منه ذلك، فإنه قال فيما بعد: سمعته يقول فى ذلك اليوم: وددت لو كنت كما كنت ولا أكون سلطانا.

ثم أمر السلطان الوالد أن يختفى حتى ينظر السلطان فى مصلحته، وأمر دمرداش أيضا بذلك، وانفض المجلس من غير إبرام أمر.

ثم أصبح الناس يوم الأربعاء سابع شهر ربيع الأول من سنة ثمان المذكورة، وقد ظهر الأمير يشبك الشعبانى الدوادار، والأمير تمراز الناصرى أمير سلاح، والأمير جاركس القاسمى المصارع، والأمير قانى باى العلائى، وكانوا مختفين بالقاهرة من يوم واقعة السعيدية.