وأخذ من هذا اليوم أمر يشبك الشّعبانىّ الدّوادار- كان- ورفقته يضعف، وأمر الأتابك بيبرس ورفقته يقوى، حتى صار يشبك والأمراء يطلعون إلى بيبرس ويأكلون على سماطه، وإذا كان لهم حاجة سألوا بيبرس فيها، ولم يعهدوا قبل ذلك لبيبرس فى الدولة كلاما، فعزّ ذلك على يشبك وحاشيته إلى الغاية، وندموا على ما وقع منهم فى حقّ الملك الناصر فرج، وتساعوا فى عوده، ولم يعرفوا للناصر خبرا، كلّ ذلك وسعد الدين بن غراب لا يعرّف أحدا بأمر الملك الناصر فرج، لكنه يدبّر فى إخراجه، وعوده إلى ملكه من حيث لا يعلم بذلك أحد، وأخذ يدبّر أيضا على قبض إينال باى بن قجماس فى الباطن، فلم يتمّ له ذلك؛ لكثرة حاشيته وعصبته، واضطراب الدولة، وعدم اجتماع الكلمة فى واحد بعينه.
ثمّ فى يوم الأربعاء ثامن عشر شهر ربيع الآخر، أفرج عن فتح الدين فتح الله كاتب السرّ- كان- على أنه يحمل خمسمائة ألف درهم ثمنها يوم ذاك ثلاثة آلاف وثلاثة وثلاثون مثقالا ذهبا وثلث مثقال، كلّ ذلك والدولة غير مستقيمة، وأحوال الناس متوقفة؛ لترقّبهم وقوع فتنة، غير أنّ أخبار الناصر لا تظهر، مع علمهم أنه مختف بالقاهرة، لما يظهر من أمر بيبرس ورفقته من الاحتراز من الناصر، وإصلاح أمر الملك المنصور عبد العزيز فيما يثبّت به ملكه.
ثم فى حادى عشر جمادى الأولى، توجه الطواشى شاهين الحسنىّ، رأس نوبة الجمداريّة، ولالا السلطان الملك المنصور، ومعه نحو عشرة أنفس، إلى البلاد الشامية لإحضار الأمير شيخ المحمودىّ الساقى نائب الشام- كان- إلى الديار المصرية، وكان يوم ذاك الأمير نوروز الحافظىّ ولى نيابة الشام عوضا عن شيخ المذكور، وخرج لقتال شيخ وكسره، وحصره بقلعة الصّبيبة «١» ، ولإحضار الأمير جكم من عوض نائب حلب، ثمّ ورد كتاب الأمير شيخ المذكور، وكتاب جكم