واستمرّ الأمر على ذلك، وباتوا ليلة السبت المذكورة، والحال على ما هو عليه، إلى أن كان نصف الليل، فخرج الملك الناصر فرج بن برقوق من بيت القاضى سعد الدين إبراهيم بن غراب، كاتب السرّ، فى جماعة كبيرة، من غير تستّر، بل فى موكب عظيم سلطانىّ، ومضى بعساكره إلى بيت الأمير سودون الحمزاوىّ ونزل به، وأرسل استدعى الأمراء والمماليك السلطانية، وتسامعت به الناس، فأتوه من كلّ فج بالسلاح وآلة الحرب، ثم لبس الملك الناصر سلاحه وركب فى أمرائه وعساكره، وقصد قلعة الجبل، وقد استعدّ بيبرس وإينال، وغيرهما من الأمراء الذين بالقلعة لقتاله، وحصّنوا القلعة، فلما حضر إليها الملك الناصر فرج بعساكره ناوشوه بالقتال، ورموا عليه، وتقاتل الفريقان قتالا ليس بذاك، فلما رأى الملك الناصر أمر أهل القلعة مفلولا، توجّه إلى نحو باب القلعة، وكان به الأمير صوماى الحسنىّ الظاهرىّ- رأس نوبة-[و] قد وكّل بباب المدرّج «١» ، فعندما رأى صوماى الملك الناصر فتح له باب القلعة، فطلع منه الملك الناصر بأمرائه، وملك القلعة وجلس بالقصر السلطانى، هذا وبيبرس وإينال باى يقاتلان أمراء السلطان من باب «٢» السلسلة من الإسطبل السلطانى.
فبينما هم فى ذلك، وإذا بالرمى عليهم من القصر، فالتفتوا وإذا بالناصر جالس بالقصر السلطانى، فلم يثبت بيبرس عند ذلك ساعة واحدة، وانهزم من وقته، ونزل بمن معه فارّا إلى خارج القاهرة، فأرسل السلطان فى أثره الأمير سودون الطيّار- أمير مجلس- فى جماعة، فأدركه خارج القاهرة، فلم