وألطنبغا العثمانىّ فى عدّة من الأمراء إلى جهة صفد، وسار السّلطان ويشبك، ومعهما جميع الأمراء إلى جهة مصر، فدخل السلطان إلى القدس، وقد تخلّف عنه الأمير سودون الحمزاوىّ الدّوادار الكبير بدمشق، ومعه عدّة من الأمراء مغاضبين للسّلطان لأمر اقتصى ذلك، ثمّ خرج الحمزاوىّ من دمشق يريد صفد، وأخذ كثيرا من الأثقال السّلطانيّة واستولى على صفد.
وأما نوروز فإنه جهّز عسكرا عليهم الأمير سودون تلّى المحمّدىّ، وأزبك الدّوادار «١» فى آخرين، فساروا إلى جهة الرّملة، ثمّ قدم على الأمير نوروز الحافظىّ الأمير إينال باى بن قجماس والأمير يشبك بن أزدمر، وكانا مختفيين بالقاهرة من يوم خروج الملك النّاصر فرج وعوده إلى ملكه، واختفيا حتى خرجا صحبة السلطان إلى البلاد الشّامية، فلما عاد السّلطان إلى نحو الدّيار المصريّة توجّها إلى نوروز بدمشق، وتوجّه معهما الأمير سودون المحمّدىّ لصعف أصابه، فأكرمهما الأمير نوروز غاية الإكرام، وأنعم عليهما بأشياء كثيرة، وكتب للأمير جكم بقدومهما.
وأمّا السلطان الملك النّاصر، فإنه سار من القدس حتى دخل إلى القاهرة فى حادى عشر شهر رجب بغير طائل، وقد تلف له ولعساكره مال كبير، وزيّنت القاهرة لقدومه، وخرج أعيان المصريّين لتقّيه، ثمّ بعد قدومه بسبعة أيام وصل دمرداش نائب حلب، وسودون من زادة نائب غزّة إلى القاهرة، واستمرّ سودون الحمزاوىّ وشيخ نائب الشّام بصفد، وأخذ [سودون]«٢» الحمزاوىّ يسعى فى الصّلح بين شيخ ونوروز، ولا زال فى ذلك حتى أجاب نوروز، وكتب فى هذا المعنى إلى جكم، فبينما هم فى ذلك خرج سودون الحمزاوىّ يوما من صفد ليسير، فقام شيخ وركب واستولى على قلعة صفد، وأخذ جميع ما للحمزاوىّ، وبلغ ذلك الحمزاوىّ