فهرب ونجا بنفسه فى قليل من أصحابه، وتوجّه إلى دمشق فرحّب به نوروز، غير أنّ نوروزا كان مشغولا بعمارة قلعة دمشق، فلم ينهض بالخروج معه لقتال شيخ.
وأمّا الملك النّاصر، فإنّه فى يوم الجمعة رابع شعبان، مسك الوزير فخر الدين ماجد بن غراب وسلّمه لجمال الدين الأستادار، ليصادره ويعاقبه، واستقرّ جمال الدين فى وظيفتى الوزير وناظر الخاصّ مضافا إلى الأستاداريّة، وهذا أوّل ابتداء تحكّم جمال الدين فى الناس، ثم قبض على الأمير خير بك نائب عزّة، وقدم به إلى القاهرة مقيّدا، ثمّ عيّن السلطان جماعة من الأمراء للتجريدة بالبلاد الشّامية ومقدّمهم الأمير تمراز النّاصرىّ النائب، وآقباى، وغيرهما، وخرجوا من القاهرة فى عاشر شهر رمضان، فورد الخبر بأن عسكرا من الشام أخذ غزّة، وأن يشبك بن أزدمر أخذ قطيا «١» ، وأخربها وعاد إلى غزّة، فأقام تمراز بمن معه على مدينة بلبيس أياما، ثم عاد هو وآقباى بمن معهما إلى القاهرة فى سابع شوّال.
ثمّ قدم الخبر على الملك الناصر بأن الأمير جكم من عوض نائب حلب تسلطن بقلعة حلب فى يوم حادى عشر شوال من سنة تسع وثمانمائة المذكورة، وتلقّب بالملك العادل أبى الفتح عبد الله جكم، وخطب باسمه من الفرات إلى غزّة- ما عدا صفد- فإن بها الأمير شيخا المحمودىّ، وقد استولى عليها من سودون الحمزاوىّ حسبما تقدّم ذكره، وأنه لم يخطب باسم جكم، وأنه مستمرّ على طاعة السّلطان، وأن الأمير نوروزا نائب الشّام باس الأرض لجكم، وخلع على بكتمر جلّق بنيابة صفد بأمر الملك العادل جكم، ثمّ قدم بعد ذلك عدّة كتب من أمراء الشّام على السّلطان يرغّبون السّلطان فى الخروج إلى البلاد الشّامية، ثم قدمت عدّة كتب من جكم إلى عربان مصر وفلّاحيها بمنعهم من دفع الخراج إلى السلطان وأمرائه وأجناده، وتحذيرهم من ذلك حتى يقدم جكم إلى مصر، ثم ورد الخبر من البلاد الشّامية أنه فى ثامن عشر شوال وصل إلى دمشق