قاصد الملك العادل جكم، وعلى يده مرسوم جكم بأنّ الأمير سودون الحمزاوى يكون دوادارا بالدّيار المصرية على عادته، وأن الأمير إينال باى بن قجماس يكون أمير آخور كبيرا على عادته؛ وأن الأمير يشبك بن أزدمر يكون رأس نوبة النّوب على عادته، وأن الأمير نوروزا مستمرّ على نيابة دمشق، وجىء له بالخلعة فلبسها نوروز، وقبّل الأرض، ودقت البشائر لذلك- بدمشق- أياما، وزيّنت المدينة.
فلما بلغ السّلطان ذلك أراد الخروج إلى البلاد الشّامية فكلمه أمراؤه فى تأخير السفر حتى يخفّ الطاعون من الدّيار المصريّة، فإنه كان فشا بها وكثر، فلم يلتفت السلطان لذلك، وشرع فى أوّل ذى الحجة فى الاهتمام إلى سفر الشّام هو وعساكره، ثم فى خامس عشرين ذى الحجة المذكورة علّق السلطان جاليش «١» السفر، وصرفت النّفقة للمماليك السّلطانية فى تاسع عشرين، لكل مملوك ثلاثون مثقالا وألف درهم فلوسا، فتجمّع المماليك تحت الطّبلخاناة السلطانيّة وامتنعوا من أخذها، فكلّمهم بعض الأمراء على لسان السّلطان فى ذلك، فرضوا، وبينما السلطان فى ذلك ورد عليه الخبر بقتل الأمير جكم بآمد «٢» ، من ديار بكر بن وائل، فى سابع عشر ذى القعدة من سنة تسع وثمانمائة المذكورة.
وسبب قتلة جكم المذكور أنه لما تسلطن بمدينة حلب، ووافقه وأطاعه غالب نوّاب البلاد الشّاميّة، وعظم أمره، وكثرت عساكره، وخافه كلّ أحد حتى أهل مصر، وتهيّأ الملك النّاصر إلى الخروج من مصر لقتاله، ابتدأ جكم بالبلاد الشّاميّة، واستعد لأخذها، على أن الدّيار المصريّة صارت فى قبضته، وأعرض عنها حتى ينتهى من بلاد الشرق، وجعل تلك الناحية هى الأهم، وخرج من مدينة حلب بعساكره إلى نحو الأمير عثمان بن طرعلىّ المعروف بقرايلك، صاحب آمد، وغيرها