ما خرج الأمير شيخ إلى لقائه، وقبّل الأرض بين يديه، وسار معه حتى دخل دمشق فى خدمته من جملة الأمراء، ونزل السّلطان بدار السّعادة من دمشق، وصلّى الجمعة بجامع بنى أمية، ثم قبض على قضاة دمشق ووزيرها، وكاتب سرها، وأهانهم السّلطان وألزمهم بحمل مال كبير.
ثم فى يوم الأحد خامس عشرين صفر، أمسك السّلطان الأمير شيخا المحمودىّ نائب دمشق، والأمير الكبير يشبك الشّعبانىّ الأتابكى، واعتقلهما بقلعة دمشق، وكان الأمير جركس القاسمىّ المصارع الأمير آخور قد تأخّر فى هذا اليوم عن الخدمة السلطانية بداره، فلما بلغه الخبر فرّ من وقته، فلم يدرك، وهرب جماعة كبيرة من الشّيخيّة واليشبكيّة.
ثمّ فى سادس عشرين صفر خلع السلطان على الأمير بيغوت باستقراره فى نيابة دمشق عوضا عن شيخ المحمودىّ، بحكم حبسه بقلعة دمشق، وخلع على الأمير فارس دوادار تنم باستقراره حاجب حجّاب دمشق، وخلع على الأمير عمر الهيدبانىّ بنيابة حماة، وعلى صدر الدّين علىّ بن الأدمىّ باستقراره قاضى قصاة الحنفيّة بدمشق، ودام يشبك وشيخ بقلعة دمشق إلى أن استمالا نائب قلعتها الأمير منطوقا، حتى أفرج عنهما فى ليلة الاثنين ثالث شهر ربيع الأوّل من سنة عشرة وثمانمائة، وهو أن منطوقا تحيّل على من عنده من المماليك بأنّ السّلطان رسم له بأن ينقل الأميرين شيخا ويشبك، من حبس إلى آخر فصدّقوه، فأخرجهما على أنه ينقلهما، وفرّ بهما، ونزل من القلعة، فلم يبلغ السلطان الخبر حتى ذهبوا حيث شاءوا، وأصبح السلطان يوم الاثنين ندب الأمير بيغوت لطلبهم، فركب بيغوت من وقته بمماليكه، وسار فى طلبهم- غارة- وقد اختفى الأمير شيخ بدمشق ولم يخرج منها، وتوجّه يشبك فلم يدرك بيغوت سوى منطوق نائب قلعة دمشق الذي أطلقهما؛ لثقل جثّته؛ فإنه كان فى غاية من السّمن، ففرّ يشبك، وقاتل منطوق