ثم فى تاسع عشر جمادى الأولى المذكور، خلع السلطان على الأمير طوخ الخازندار باستقراره أمير مجلس عوضا عن يلبغا النّاصرى بحكم القبض عليه، والعامة تسمّى طوخ هذا طوق الخازندار، والصواب ما قلناه. وخلع على الأمير قردم باستقراره خازندارا عوضا عن طوخ المذكور.
ثم فى سادس عشر جمادى الآخرة قبض السّلطان على الأمير سودون من زادة، وقيّده وحمله إلى الإسكندريّة، فسجن بها مع من بها من الأمراء.
وأمّا الأمير نوروز الحافظىّ فإنّه منذ دخل دمشق كانت مكاتبات الأمير شيخ ترد عليه بطلب الصّلح، ويترقّق شيخ لنوروز، ويتخضّع إليه إلى أن أجاب نوروز إلى ذلك، وخرج من دمشق فى سادس عشرين شهر رجب، إلى جهة حلب، ليصالح الأمير شيحا، فتقدّم الأمير شيخ إليه والتقاه واصطلحا، ومسك نوروز بكتمر جلّق، بعد ما كان أعزّ أصحاب نوروز؛ مراعاة لخاطر شيخ.
وحكى لى من أثق به من أعيان المماليك الظّاهريّة ممّن كان فى صحبتهم يوم ذاك قال: لمّا أراد شيخ الصّلح مع نوروز، طلب منه القبض على بكتمر، فبلغ بكتمر ذلك، فلم يصدّق أنّ نوروزا يقع فى مثل هذا لما كان بينهما من تأكّد الصّحبة، فلمّا اجتمع شيخ مع نوروز وأراد نوروز القبض على بكتمر، قال بلسان الجركسىّ: وبط «١» . قال بكتمر: يا جنس النّحس بلغنى ذلك من مدّة، ولكنّنى ما ظننت أنّها تخرج من فمك فى حقّى أبدا، ومسك بكتمر جلّق، وسجن بقلعة دمشق، ثمّ دخل الأمير شيخ ونوروز إلى دمشق، وقد استقرّت طرابلس للأمير شيخ، ودمشق للأمير نوروز، فأقام شيخ بدمشق عشرة أيّام، ثم خرج منها وسار إلى طرابلس، وكثرت المصادرات بدمشق وغيرها فى أيام هذه الفتن، وأخرجت الأوقاف عن أربابها، وخربت