فى خدمتك، فقال شيخ: لم تزل الأكابر تمشى فى مصالح الأصاغر، كلّ ذلك فى حال الوقوف للسلام ثمّ جلسا، وعرّفه الوالد رضى السّلطان عليه، وعرّفه الشّروط فقبلها، وقام قائما وقبّل الأرض غير مرّة، وتقدّم فتح الله حلّفه على طاعة السّلطان، وأخذ منه الأمير كمشبغا الجمالىّ، وأسنبغا- وكانا فى حبس الأمير شيخ- بعد ما خلع عليهما شيخ وأدلاهما من سور قلعة صرخد، ثمّ أدلى الأمير شيخ أبنه إبراهيم ليتوجّه مع الوالد ويقبّل يد السّلطان، فلمّا تعلّق الصغير من أعلى السّور بالسّريّاقات «١» ، صاح وبكى من خوفه أن يقع، فرحمه الوالد وأمره بردّه إلى القلعة، فنشلوه ثانيا، وقال الوالد: أنا أكفيك هذا الأمر، ولا يحتاج إلى نزول الصّغير، ثمّ تصايح الفريقان من أعلى السّور ومن جمع خيم العسكر:
الله ينصر السّلطان؛ فرحا بوقوع الصّلح، وفرح أهل القلعة من أصحاب شيخ فرحا عظيما؛ لأنهم كانوا قد أشرفوا على الهلاك، وأمّا فرح العسكر فإن غالب أمراء الملك الناصر كانوا غير نصحاء له، ولم يرد أحد منهم أن يظفر بشيخ، حتى ولا الوالد، خشية أن يتفرّغ السّلطان من شيخ لهم.
ثمّ أصبحوا يوم الأحد، ركب الوالد وكاتب السرّ وجماعة من الأمراء، طلعوا إلى قلعة صرخد، وجلسوا على عادتهم، وخرج شيخ وجلس على باب القلعة، وأحلف فتح الله من بقى مع شيخ من الأمراء، وهم جانم من حسن شاه نائب حماة، وقرقماس ابن أخى دمرداش- وقد فارق عمّه دمرداش، وصار من حزب شيخ- وتمراز الأعور، وأفرج شيخ عن تجّار دمشق، الذين كان قبض عليهم لما خرج عن الطّاعة وصادرهم، ثمّ بعث شيخ بتقدمة إلى السلطان فيها عدّة مماليك.
وتقرّر الحال على أنّ شيخا المذكور يكون نائب طرابلس، وأن يلبس التشريف