للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما أصل جمال الدين ونسبه فانّه يوسف بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن جعفر ابن قاسم البيرىّ الحلبىّ البجاسيّ، كان أبوه يتزيّا بزىّ الفقهاء، وكان يخطب بألبيرة، فتزوّج بأخت شمس الدين عبد الله بن سهلول، وقيل سحلول، المعروف بوزير حلب، فولدت له يوسف هذا، ولقّب بجمال الدين، وكنّى بأبى المحاسن هو وأخوته، ونشأ جمال الدين يوسف المذكور بألبيرة، ثمّ قدم البلاد الشّاميّة على فاقة عظيمة، وتزيّا بزىّ الجند، وخدم بلاصيّا «١» عند الشّيخ علىّ كاشف برّ دمشق، ثمّ عند غيره من الكشّاف، وطال خموله، وخالط «٢» الفقر ألوانا إلى أن خدم عند الأمير بجاس- وهو أمير طبلخاناة- بعد أمور يطول شرحها، ثمّ جعله بجاس أستاداره وتموّل وعرف عند الناس بجمال الدين أستادار بجاس، وكثر ماله، وسكن بالقصر بين القصرين، وأتّهم أنّه وجد به من خبايا الفاطميّين خبيثة، ثمّ خدم بعد بجاس عند جماعة من الأمراء إلى أن عدّ من الأعيان، وصحب سعد الدين إبراهيم بن غراب، فنوّه ابن غراب بذكره إلى أن طلب أن يلى الوزر فامتنع من ذلك، وطلب الأستاداريّة، فخلع السلطان عليه باستقراره أستادارا عوضا عن سعد الدين بن غراب المذكور، بحكم توجّه ابن غراب مع يشبك الدّوادار إلى البلاد الشّاميّة، وذلك فى رابع شهر رجب سنة سبع وثمانمائة، ومن يومئذ أخذ أمره يظهر حتّى صار حاكم الدّولة ومدبّرها، بعد أن قتل خلائق من الأعيان لا تدخل تحت حصر من كلّ طائفة، بالعقوبة والذّبح والخنق وأنواع ذلك.

قلت: لا جرم أنّ الله تعالى قاصصه فى الدنيا ببعض ما فعله؛ فعوقب أيّاما بالكسّارات وأنواع العذاب، ثمّ ذبح فى ليلة الثلاثاء حادى عشر جمادى الآخرة، وأراح الله الناس من سوء فعله وقبح منظره- انتهى.