للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالأمير شيخ، فقال السلطان: من أين لكم هذا الخبر؟ فقالا: صيرفيّه عبد الرحمن ينزل عندنا وعند تقىّ الدين عبد الوهّاب بن أبى شاكر ناظر ديوان المفرد، وهو الحاكى، فصدّق السلطان مقالتهما وأسرّها فى نفسه، واستشار الوالد فى القبض على جمال الدين، فقال له الوالد: المصلحة تركه حتى يعود إلى جهة القاهرة، ويقبض عليه وعلى جميع أقاربه؛ حتى لا يفوت السّلطان منهم أحد، وتكون الحوطة على الجميع معا، فأعجب السّلطان ذلك، وسكت عن قبضه بالديار الشامية.

ثمّ إن [تاج الدين عبد الرزّاق «١» ] بن الهيصم لا زال حتى أوصل عبد الرحمن الصّيرفىّ إلى السلطان، وحكى له الواقعة من لفظه فى مجلس شرابه، وشرب معه عبد الرحمن فى تلك الليلة.

ومنها: أنّ القاضى محبى الدين أحمد المدنىّ كاتب سرّ دمشق لقى ابن هيازع عند باب الفراديس «٢» بدمشق، فأعلمه ابن هيازع أن أصحابه وجدوا عند مدينة زرع ساعيا معه كتب، فقبضوا عليه وأخذوا منه الكتب وجاءوا بها إليه، وكان محيى الدين المذكور معزولا عن كتابة سرّ دمشق من مدّة، فأخذ الكتب ولم يدر ما فيها وسلّمها لفتح الله، فأخذ فتح الله الكتب ومحيى الدين إلى السّلطان وفتحت الكتب، وقرئت بحضرة السّلطان، فاذا هى من جمال الدين إلى الأمير شيخ، فزاد السلطان غضبا على غضبه، وأخفى ذلك كلّه عن جمال الدين لأمر سبق، وأخذ السلطان يغالط جمال الدين والتغيير يظهر من وجهه؛ لشبيبته وشدّة حقده عليه، فتقهقر جمال الدين قليلا، وأخذ يغالط السلطان، ويسأله أن يسلّم له ابن الهيصم وابن أبى شاكر، وألحّ فى ذلك والسّلطان لا يوافقه ويعده ويمنّيه، إلى أن نزل السلطان بمدينة غزّة، وأظهر لجمال الدين الجفاء، وأراد القبض عليه، فلم يمكّنه الوالد، فتركه السّلطان إلى أن نزل بلبيس ووقع ما حكيناه.