الخوف والهيبة عند ما قبض عليه السّلطان مع الأتابك يشبك الشعبانىّ فى سنة عشر وثمانمائة، وأنه قد حلف لا يحارب السلطان ما عاش، من يوم حلّفه الأمير الكبير تغرى بردى- أعنى الوالد- فى نوبة صرخد، وكرّر الاعتذار عن محاربته لبكتمر جلّق، حتى قال: وإن كان السلطان ما يسمح له بنيابة الشّام على عادته، فينعم عليه بنيابة أبلستين «١» ، وعلى الأمير نوروز بنيابة ملطية، وعلى يشبك بن أزدمر بنيابة عين تاب، وعلى غيرهم من الأمراء ببقية القلاع؛ فإنهم أحق من التركمان المفسدين فى الأرض، وكان ما ذكروه على حقيقته، فلم يرض السّلطان بذلك، وصمّم على الإقامة ببلاد الشام، وكتب يستدعى التركمان وغيرهم، كلّ ذلك والسلطان بأبلستين، وبيناهم فى ذلك فارق الأمير سودون الجلب شيخا ونوروزا، وتوجه إلى الكرك واستولى عليها بحيلة تحيّلها.
ثمّ عاد السّلطان إلى حلب فى أوّل جمادى الآخرة، ولم يلق حربا، فقدم عليه بها قرقماس ابن أخى دمرداش- المدعو سيّدى الكبير- والأمير جانم من حسن شاه نائب حماة- كان- فأكرمهما السلطان وأنعم على قرقماس بنيابة صفد، وعلى جانم بنيابة طرابلس، واستقرّ الأمير جركس والد تنم حاجب حجّاب دمشق، ثمّ خلع على الأمير بكتمر جلّق باستقراره فى نيابة الشام ثانيا، وأنعم بإقطاعه على الأمير دمرداش المحمّدىّ نائب حلب، ثمّ بعد مدّة غيّر السلطان قرقماس سيّدى الكبير- من نيابة صفد إلى نيابة حلب، عوضا عن عمّه الأمير دمرداش المحمّدىّ، وأخلع على أخيه تغرى بردى- المدعو سيّدى الصّغير- باستقراره فى نيابة صفد.
وبينما السلطان فى ذلك بحلب، ورد عليه الخبر بأنّ شيخا ونوروزا وصلا عين تاب، وسارا على البريّة إلى جهة الشّام، فركب السلطان مسرعا