أصحاب بكتمر جلق: طوغان الحسنىّ رأس نوبة النّوب- وقد استقرّ قبل تاريخه دوادارا كبيرا بعد موت الأمير قراجا بطريق دمشق، فى ذهاب الملك النّاصر إلى الشّام- ويشبك الموساوىّ الأفقم، وشاهين الزّرد كاش وأسنبغا الزّرد كاش، وسار بكتمر جلّق بمن بقى حتى وصل دمشق.
وأما السّلطان الملك النّاصر، فإنه كان فى هذه الأيام بدمشق، وبلغه ما وقع بالدّيار المصرية مفصلا، لكن نقل إليه أنّ بكتمر جلّق وطوغان الحسنىّ قصّرا فى أخذ شيخ ونوروز، ولو قصدا أخذهما لأمكنهم ذلك، فأسرّها الملك الناصر فى نفسه، قلت: ولا يبعد ذلك؛ لما حكى لى غير واحد- ممّن حضر هذه الواقعة- من ضعف شيخ ونوروز، وتقاعد الأمراء عن المسير فى أثرهم. ولمّا بلغ الملك الناصر ذلك لم يسعه إلّا السكات، وعدم معاتبة الأمراء على ذلك.
ثمّ إنّ السّلطان أمسك الأمير جانبك القرمىّ بدمشق فى يوم الاثنين أوّل شوّال، وضربه ضربا مبرّحا، وسجنه بقلعة دمشق، ثمّ أمر السّلطان الأمير قرقماس ابن أخى دمرداش- المعروف بسيّدى الكبير- بالمضىّ إلى محلّ كفالته بحلب، فسار من دمشق عائدا إلى حلب، واستمرّ السّلطان بدمشق إلى يوم سابع عشر ذى القعدة، وخرج منها إلى قبّة يلبغا، ورحل من الغد بأمرائه وعساكره يريد الكرك بعد ما تحقّق نزول الأمراء بالكرك، وخلع على بكتمر جلّق بنيابة الشام على عادته، وعاد بكتمر إلى دمشق.
وأما شيخ ونوروز وجماعتهما، فإنهم أقاموا بالكرك أياما، واطمأنّوا بها، ثمّ أخذوا فى تحصينها، فلما كان بعض الأيام نزل الأمير شيخ ومعه الأمير سودون بقجة، وقانى باى المحمّدىّ فى طائفة يسيرة من قلعة الكرك إلى حمّام الكرك، فدخل جميع هؤلاء الحمام، وبلغ ذلك الأمير شهاب الدين أحمد حاجب الكرك، فبادر بأصحابه ومعه جمع كبير من أهل