ثمّ ذبح السّلطان فى ليلة ثالث شوّال أزيد من مائة نفس من المماليك السّلطانية الظّاهريّة المحبوسين بالبرج، ثمّ ألقوا من سور القلعة إلى الأرض، ورموا فى جبّ ممّا يلى القرافة، واستمرّ الذبح فيهم.
ثمّ فى يوم الاثنين عاشر شوّال عدّى السلطان النيل إلى ناحية وسيم «١» للرّبيع «٢» وبات به، ورحل فى السّحر بعساكره يريد مدينة إسكندريّة، بعد ما نودى فى القاهرة بألّا يتأخّر أحد من المماليك السلطانيّة بالقاهرة، وأن يعدّوا إلى برّ الجيزة فعدّوا بأجمعهم، فمنهم من أمره السلطان بالسّفر، ومنهم من أمره بالإقامة.
ثمّ بعث السلطان الأمير طوغان الحسنىّ الدّوادار، والأمير جانبك الصّوفىّ، وسودون الأشقر، ويلبغا النّاصرىّ، وجماعة من المماليك إلى عدّة جهات من أراضى مصر؛ لأخذ الأغنام والخيول والجمال حيث وجدت لكائن من كان، فسار الأمراء وشنّوا الغارات فما عفّوا ولا كفّوا.
ثمّ سار السلطان ببقيّة أمرائه وعساكره إلى الإسكندريّة، فدخلها فى يوم الثلاثاء ثامن عشر شوّال من سنة أربع عشرة المذكورة، فقدم بها على السلطان مشايخ البحيرة بتقادمهم، فخلع عليهم ثمّ أمسكهم وساقهم فى الحديد، واحتاط على أموالهم، ففرّ باقيهم إلى جهة برقاء، ثم قدم الأمراء وقد ساقوا ألوفا من الأغنام التى انتهبوها من النواحى، وقد مات أكثرها، فسيقت إلى القاهرة مع الأموال والجاموس والخيول.
ثمّ رسم السلطان أن يؤخذ من تجار المغاربة العشر، وكان يؤخذ منهم قبل ذلك الثّلث، فشكر النّاس له ذلك.
ثمّ خرج من الإسكندرية عائدا إلى القاهرة، وسار حتى نزل على وسيم فى يوم السبت تاسع عشرينه.