ثمّ خرج الخليفة المستعين بالله أبو الفضل العبّاس، والقضاة الأربعة، وهم:
قاضى القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقينىّ الشّافعىّ، وقاضى القضاة ناصر الدين محمّد بن العديم الحنفىّ، وقاضى القضاة المالكىّ «١» ، وقاضى القضاة الحنبلىّ «٢» ، ونزل الجميع بالرّيدانيّة، وتردّد السّلطان فى مدّة إقامته بالرّيدانيّة إلى التّربة التى أنشأها على قبر أبيه بالصّحراء خارج باب النّصر، وبات بها ليالى، ونحر بها ضحاياه، وجعل الأمير يلبغا الناصرىّ نائب الغيبة بالقاهرة، وجعل فى باب السّلسلة الأمير ألطنبغا العثمانىّ، وبقلعة الجبل الأمير أسنبغا الزّردكاش شادّ الشّراب خاناة، وزوج أخته خوند بيرم، وولّى نيابة القلعة للأمير شاهين الرّومىّ عوضا عن كمشبغا الجمالىّ، وبعث كمشبغا الجمالىّ صحبة حريمه، وقدّمهم بين يديه بمرحلة.
ثمّ رحل السّلطان من تربة أبيه قبيل الغروب من يوم الجمعة ثانى عشر ذى الحجّة من سنة أربع عشرة وثمانمائة، لطالع اختاره له الشيخ برهان الدين إبراهيم بن زقاعة، وقد حزر ابن زقاعة وقت ركوبه، وعوّق السّلطان عن الركوب- والعساكر واقفة- حتى دخل الوقت الذي اختاره له، فأمره فيه بالرّكوب، فركب السّلطان وسار يريد البلاد الشّاميّة، ونزل بمخيّمه من الرّيدانيّة، وفى ظنّه أنّه منصور على أعدائه؛ لعظم عساكره، ولطالع اختاره له ابن زقاعة، فكانت عليه أيشم «٣» السّفرات، فلعمرى هل رجع الشيخ برهان الدين بن زقاعة المذكور بعد ذلك عن معرفة هذا العلم أم استمرّ على دعواه؟!.
وأنا أتعجّب من وقاحة أرباب هذا الشّأن حيث يقع لهم مثل هذا الغلط الفاحش وأمثاله، ثم يعودون إلى الكلام فيه والعمل به- انتهى.