ثمّ استقلّ السّلطان بالمسير فى سحر يوم السبت ثالث عشر ذى الحجّة.
وفى هذا الشّهر انتكس الوالد ثالث مرّة، ولزم الفراش إلى أن مات «١» حسبما يأتى ذكره.
وأمّا السّلطان الملك الناصر فإنّه قبل المسير حذّر عسكره من الرّحيل قبل النّفير، فبلغه وهو بالرّيدانيّة أنّ طائفة رجلت، فركب بنفسه وقبض على واحد ووسّطه، ونصب مشنقة، فما وصل إلى غزّة حتى قتل عدّة من الغلمان؛ من أجل الرّحيل قبل النّفير، فتشاءم الناس بهذه السّفرة.
ثمّ سار حتى نزل مدينة غزّة، فوسّط بها تسعة عشر نفرا من المماليك الظاهريّة وهو لا يعقل من شدّة السّكر، وعقيب ذلك بلغه أنّ الأمراء الذين بالجاليش توجّهوا بأجمعهم إلى شيخ ونوروز، وكان من خبرهم أنّهم لمّا وصلوا إلى دمشق دخلوا إلى الوالد وقد ثقل فى الضّعف وسلّموا عليه، وأخبره بكتمر جلّق وطوغان أنهما بمن معهما يريدون التّوجّه إلى شيخ ونوروز، فرجّعهم الوالد عن ذلك، فذكروا له أعذارا فسكت عنهم، فقاموا عنه وخرجوا بأجمعهم وتوجّهوا إلى شيخ ونوروز- ما خلا شاهين الزّردكاش- فإنّه لم يوافقهم على الذّهاب، فمسكوه وذهبوا به إلى شيخ ونوروز.
ولمّا بلغ الملك الناصر ذلك، ركب وسار من غزّة مجدّا فى طلبهم، وقد نفرت منه القلوب، حتى نزل بالكسوة فى يوم الثلاثاء سلخ ذى الحجّة، فألبس من معه من العساكر السّلاح ورتبهم بنفسه.
ثمّ سار بهم قاصدا دمشق حتى دخلها من يومه وقت الزّوال، وقد خرج أعيان دمشق وعوامّها لتلقّيه وللفرجة عليه، وزيّنت لقدومه دمشق، ونزل بالقلعة