للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشيخ تقىّ الدين المقريزىّ- رحمه الله: حدّثنى فتح الله كاتب السرّ قال: بعث إلىّ الأمير شيخ ونوروز، قالا لى: أكتب بما جرى إلى الدّيار المصريّة، وأعلم الأمراء به، فقال لهما: من السّلطان الذي أكتب عنه؟ ... فأطرق كلّ منهما ساعة ثم قالا: ابن أستاذنا ما هو هنا حتى نسلطنه- يريدان الأمير فرج ابن الملك النّاصر فرج.

فلمّا رأى انقطاعهما قال: الرأى أن يتقدّم كلّ منكما إلى موقّعه بأن يكتب عنه إلى الأمراء بمصر كتابا بصورة الحال، ويأمرهم بحفظ القلعة والمدينة، ويعدهم بالخير، ثمّ يكتب الخليفة كذلك. فوقع هذا منهما الموقع الحسن، وكتب كلّ منهما كتابا، وندب قجقار القردمىّ لحمل الكتب، وجهّز إلى مصر، فمضى من يومه، ونودى بالرّحيل فى يوم الأربعاء خامس عشره، وليس عندهم خبر عن الملك النّاصر ولا أين ذهب- انتهى.

قلت: وأما الملك النّاصر، فإنه لمّا انكسر سار نحو دمشق حتى دخلها ليلة الأربعاء فى ثلاثة نفر، ونزل بالقلعد وسأل عن الوالد فقيل له محتضر.

ومات الوالد فى يوم الخميس سادس عشر المحرّم، ودفن من يومه بتربة الأمير تنم الحسنىّ نائب الشّام، خارج دمشق بميدان الحصى «١» .

وأمّا الملك الناصر فإنه أصبح يوم الأربعاء استدعى القضاة والأعيان ووعدهم بكلّ خير، وحثّهم على نصرته والقيام معه، فانقادوا له، فأخذ فى تدبير أموره، وتلاحقت به عساكره شيئا بعد شىء.