للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثمّ قتل أحد خواصّه من الأمراء [وهو] الأمير ألطنبغا شقل، وتقهقر عسكره مع قلّتهم، فانهزم السّلطان عند ذلك، بعد أن قاتل بنفسه، وساق يريد دمشق- وكان الرّأى توجّهه إلى مصر- وتبعه سودون الجلب، وقرقماس ابن أخى دمرداش، ففاتهما الملك النّاصر ومضى إلى دمشق، وأحاط القوم بالخليفة المستعين بالله، وفتح الدّين فتح الله كاتب السّر، وناظر الجيش بدر الدين حسن بن نصر الله، وناظر الخاصّ ابن أبى شاكر، واستولوا على جميع أثقال الملك النّاصر وأمرائه.

وامتدّت أيدى أصحاب الأمراء إلى النهب والأسر فى أصحاب الملك النّاصر، وما غربت الشمس حتى انتصر الأمراء وقوى أمرهم، وأذّن المغرب فتقدّم إمام الأمير شيخ، شهاب الدين أحمد الأذرعىّ، وصلى بهم المغرب، وقرأ فى الرّكعة الأولى بعد الفاتحة:

«وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآواكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»

«١» .

فوقعت هذه الآية الموقع الحسن، كونهم كانوا فى خوف وجزع وصاروا إلى الأمن والتّحكم، وباتوا تلك اللّيلة بمخيّماتهم- وهى ليلة الثلاثاء- وأصبح الأمراء وليس فيهم من يرجع إليه، بل كلّ واحد منهم يقول: أنا رئيس القوم وكبيرهم، فنادى شيخ بأنّه الأمير الكبير، ورسم بما شاء، ونادى نوروز أيضا بأنه الأمير الكبير، ورسم بما أراد، ونادى سودون المحمّدىّ بأنه الأمير الكبير، وقد استولى على الإسطبل السّلطانىّ بما فيه لنفسه، ونادى بكتمر جلّق بأنه الأمير الكبير.