للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتبعهم حتى نزلوا باللّجّون، فساق خلفهم وهو سكران لا يعقل، فما وصل إلى اللّجّون حتى تقطّعت عساكره عنه من شدّة السّوق، ولم يبق معه غير من ثبت على سوقه، وهم أقلّ ممّن تأخّر.

وكان قد وصل وقت العصر من يوم الاثنين ثالث عشر المحرّم من سنة خمس عشرة وثمانمائة، فوجد الأمراء قد نزلوا باللّجّون وأراحوا، وفى ظنّهم أنّه يتمهّل ليلته ويلقاهم من الغد، فإذا جنّهم الليل ساروا بأجمعهم من وادى عارة «١» إلى جهة الرّملة، وسلكوا البرّيّة عائدين إلى حلب، وليس فى عزمهم أن يقاتلوه أبدا، لا سيّما الأمير شيخ فإنّه لا يريد ملاقاته بوجه من الوجوه، فحال وصول الملك النّاصر إلى اللّجّون أشار عليه الأتابك دمرداش المحمدىّ أن يريح خيله وعساكره تلك اللّيلة، ويقاتلهم من الغد، فأجابه السّلطان بأنّهم يفرّون اللّيلة، فقال له دمرداش المذكور: إلى أين «بقوا» يتوجّهوا يا مولانا السّلطان بعد وقوع العين فى العين؟ يا مولانا السّلطان مماليكك فى جهد وتعب من السّوق، والخيول كلّت، والعساكر منقطعة، فلم يلتفت إلى كلامه، وحرّك فرسه ودقّ بزخمته على طبله، وسار نحو القوم، وحمل عليهم بنفسه من فوره حال وصوله، فارتضمت «٢» طائفة من مماليكه فى وحل كان هناك.

ثمّ قبل اللّقاء خرج الأمير قجق أحد أمراء الألوف بطلبه من مماليكه وعسكره، وذهب إلى الأمراء، وتداول ذلك من المماليك الظّاهرية واحدا بعد واحد، والملك الناصر لا يلتفت إليهم، ويشجّع من بقى معه حتى التقاهم وصدمهم صدمة هائلة، قتل فيها من عسكره الأمير مقبل الرّومىّ أحد أمراء الألوف، الذي زوّجه الملك النّاصر بأخته- زوجة الأمير نوروز-