ثم ولّى الوزير سعد الدين إبراهيم بن البشيرىّ نظر الخاصّ عوضا عن بدر الدين حسن بن نصر الله الفوّىّ، وبينما هو فى ذلك وصلت إلى الملك الناصر أمراء التّركمان:
قرايلك وغيره من نوّاب القلاع بسبب النّجدة، فنودى بعسكر أمير المؤمنين باستعداد العوام لقتال المذكورين، فإنّهم مقدّمة تمر لنك وجاليشه.
واجتمع الأمراء والمماليك، وحلفوا بأجمعهم يمينا مغلظّا لأمير المؤمنين بأنّهم يلزمون طاعته، ويأتمرون بأمره، وأنّهم رضوا بأنّه الحاكم عليهم، وأنّه يستبدّ بالأمور من غير مراجعة أحد، وأنهم لا يسلطنون أحدا غيره طول حياته.
ثمّ قبّل الجميع الأرض بين يديه، وصار الجميع طوعا لأمير المؤمنين المستعين بالله، فمشى بذلك حالهم على قتال الملك الناصر، ولولا الخليفة ما انتظم لهم أمر؛ لعظم ميل التّركمان والعامّة للملك الناصر.
ثمّ توجّه فتح الله للأمير نوروز بدار الطّعم- حيث هو نازل- فحلفه على ذلك، وقبّل الأرض لأمير المؤمنين، وأظهر من الفرح والسرور مالا مزيد عليه باستبداد الخليفة بالأمر، وقال: حينئذ استقام الأمر، وسأل نوروز فتح الله المذكور أن يقبّل الأرض بين يدى أمير المؤمنين نيابة عنه، وسأله فى أن ينفرد بالتّدبير ولا يشاركه فيه الأمير شيخ، ولا هو ولا غيره، يريد بذلك كفّ الأمير شيخ عن التّحكّم.
هذا والقتال عمّال فى كلّ يوم، وقراءة المحضر الذي أثبتوه على الملك النّاصر على الشّاميّين، وفيه قوادح فى الدين توجب إراقة دمه، وشهد فى المحضر نحو خمسمائة نفس، وثبت ذلك على قاضى القضاة ناصر الدين بن العديم الحنفىّ، وحكم بإراقة دمه.
ثمّ بلغ شيخا أنّ الملك الناصر عزم على إحراق ناحية قصر حجّاج «١» حتى يصير