والمحضر المكتّب «١» فى حقه، فأفتوا بإراقة دمه شرعا.
فأخذ فى ليلة الأربعاء من الإسطبل، وطلع به إلى قلعة دمشق، وحبسوه بها فى موضع وحده، وقد ضيّق عليه وأفرد من خدمه، فأقام على ذلك إلى ليلة السّبت سادس عشر صفر، وقتل حسبما ذكرناه فى أواخر ترجمته مفصلا، بعد اختلاف كبير وقع فى أمره بين الأمراء.
فكان رأى شيخ إبقاءه محبوسا بثغر الإسكندرية، وإرساله إليها مع الأمير طوغان الحسنىّ الدّوادار، وكان رأى نوروز قتله، وقام نوروز وبكتمر جلّق فى قتله قياما بذلا فيه جهدهما.
وكان الأمير يشبك بن أزدمر أيضا ممن امتنع من قتله، وشنّع ذلك على نوروز، وأشار عليه ببقائه، واحتجّ بالأيمان التى حلفت له، واختلف القوم فى ذلك، فقوى أمر نوروز وبكتمر بالخليفة المستعين بالله، فإنه كان أيضا اجتهد هو وفتح الله كاتب السرّ فى قتله، وحملا القضاة والفقهاء على الكتابة بإراقة دمه بعد أن توقّفوا عن ذلك، حتى تجرّد قاضى القضاة ناصر الدين محمد بن العديم الحنفىّ لذلك، وكافح من خالفه من الفقهاء بعدم قتله بقوّة الخليفة ونوروز وبكتمر وفتح الله، ثمّ أشهد على نفسه أنه حكم بقتله شرعا، فأمضى قوله وقتل.
وكان قصد شيخ إبقاءه يخوّف به نوروزا إن حصل مخالفة، وأيضا وقف على يمينه وخاف سوء عاقبة الأيمان والعهود، وأيضا لما سبق لوالده عليه من الحقوق السّالفة، وقال: هو- يعنى الملك النّاصر- قد ظفر بنا وأبقانا غير مرّة. ونحن مماليكه، فكيف نحن نظفر به مرّة واحدة نقتله فيها، ويشاع ذلك عند ملوك الأقطار، فيقبّح ذلك علينا إلى الغاية!