وأنّ الأمير أسنبغا الزّرد كاش يسلّم قلعة الجبل إلى الأمير يلبغا الناصرىّ، ففعل أسنبغا الزّرد كاش ذلك، وقدم الأمراء من سجن الإسكندرية إلى القاهرة وهم: إينال الصّصلانى، وسودون الأسندمرىّ الأمير آخور الثانى، وكمشبغا الفيسىّ، وجانبك الصّوفىّ، وتاج الدين عبد الرزّاق بن الهيصم الأستادار.
ثمّ تهيّأ أمير المؤمنين وخرج معه الأمير شيخ وجميع العساكر من دمشق، فى يوم السبت ثامن شهر ربيع الأوّل، نحو الديار المصرية.
ثمّ خرج بعدهم نوروز فى سادس عشره إلى حلب ليمهّد أمورها.
ثمّ رسم الأمير نوروز أن يضرب بدمشق دراهم نصفها فضّة ونصفها نحاس، فضربت وتعامل الناس بها.
وسار أمير المؤمنين بعساكره حتّى دخل إلى الدّيار المصريّة فى يوم الثلاثاء ثانى شهر ربيع الآخر، وطلع إلى القلعة بعد ما شق القاهرة، وخرج من باب زويلة إلى الصليبة إلى القلعة، وقد زيّنت القاهرة أحسن زينة، فنزل الخليفة بالقصر من قلعة الجبل على عادة السّلاطين، ونزل الأمير شيخ بباب السلسلة من الإسطبل السّلطانىّ، ولم يخلع الخليفة على أحد على جارى العوائد، وكان الأمير شيخ يظنّ أنّ الخليفة يتوجّه إلى داره بالقرب من المشهد النفيسىّ على عادته أوّلا، فلما طلع إلى القلعة، تحقق الأمير شيخ منه أنّه يريد أن يسير على طريق السلاطين ويترك طريق الخلفاء، فأخذ شيخ يكيده بأشياء، منها: أنّه صار يبطّل المواكب السّلطانيّة ويعمل الموكب عنده، ويعتذر عن ذلك بأنّ القوم عقيب سفر وتعب ليس لهم طاقة على لزوم المواكب الآن إلى أن يجدوا فى نفوسهم قوة ونشاطا، وصار ترداد جميع أرباب الدّولة إلى باب الأمير شيخ، فاتّضع أمر الخليفة.