وبايعه، فلم يختلف عليه اثنان، وخلع الخليفة المستعين بالله العبّاس من السلطنة بغير رضاه.
وبعد سلطنة الملك المؤيد شيخ وجلوسه على كرسى الملك- حسبما يأتى ذكره بعد أن نذكر بقية ترجمة العباس هذا- بعث إليه القضاة ليسلّموا عليه، ويشهدوا عليه أنه فوّض إلى الأمير شيخ السلطانة على العادة، فدخلوا إليه وكلّموه فى ذلك، فتوقّف فى الإشهاد عليه بتفويض السلطنة توقّفا كبيرا، ثمّ اشترط فى أن يؤذن له فى النّزول من القلعة إلى داره، وأن يحلف له السلطان بأنّه يناصحه سرّا وجهرا، ويكون سلما لمن سالمه وحربا لمن حاربه، فعاد القضاة إلى السلطان وردّوا الخبر عليه، وحسّنوا له العبارة فى القول، فأجاب: يمهّل علينا أياما فى النزول إلى داره ثم يرسم له بالنزول، فأعادوا عليه الجواب بذلك وشهدوا عليه، وتوجهوا إلى حال سبيلهم.
وأقام الخليفة بقلعة الجبل محتفظا به على عادته أوّلا خليفة إلى ما يأتى ذكره.
فكانت مدّة سلطنته من يوم جلس سلطانا خارج دمشق إلى يوم خلعه يوم الاثنين أوّل شعبان، سبعة أشهر وخمسة أيام، وأقام المستعين بقلعة الجبل إلى أن خلع من الخلافة أيضا بأخيه المعتضد داود بغير رضاه، كما وقع فى خلعه من السلطنة، وكان ذلك فى ذى الحجة سنة ست عشرة وثمانمائة، ودام مخلوعا بقلعة الجبل فى دار بالقلعة مدّة، ثم نقل إلى برج بالقلعة إلى يوم عيد النّحر من سنة تسع عشرة وثمانمائة، فأنزل من القلعة نهارا إلى ساحل النيل على فرس، وصحبته أولاد الملك الناصر فرج وهم: فرج، ومحمد، وخليل، وتوّجه معهم الأمير كزل الأرغون شاوىّ، فدام الخليفة المستعين هذا مسجونا بإسكندرية إلى أن نقله الملك الأشرف برسباى إلى قاعة بثغر الإسكندرية، فدام بها إلى أن توفّى بالطّاعون فى يوم الأربعاء لعشرين