وأربعين ومائة، وقيل سنة ست وأربعين ومائة، وقيل سنة ثمان وأربعين ومائة؛ وأمه أم ولد تسمى الخيزران، وهي أم الرشيد أيضا؛ وكان موته من قرحة أصابته، وقيل: إن أمه الخيزران سمته لما أجمع على قتل أخيه هارون الرشيد، وكانت الخيزران مستبدة بالأمور الكبار حاكمة، وكانت المواكب تغدو إلى بابها فزجرهم الهادي ونهاهم عن ذلك وكلمها بكلام فج، وقال لها: متى وقف ببابك أمير ضربت عنقه، أما لك مغزل يشغلك أو مصحف يذكرك، أو سبحة! فقامت الخيزران وهي ما تعقل من الغضب، وقيل: إنه بعث إليها بسم أو طعام مسموم فأطعمت الخيزران منه كلباً فمات من وقته فعملت على قتله حتى قتلته: وقيل في وفاته غير ذلك، وكانت وفاته في نصف شهر ربيع الأول من السنة المذكورة، فكانت خلافته سنة واحدة وثلاثة أشهر وقيل سنة وشهراً، وبويع أخوه هارون الرشيد بالخلافة. وكان الهادي طويلاً جسيماً أبيض، بشفته العليا تقلص، وكان أبوه قد وكل به في صغره خادماً، فكلما رآه مفتوح الفم قال: موسى أطبق، فيضيق على نفسه ويضم شفته.
حكى مصعب الزبيري عن أبيه قال: دخل مروان بن أبي حفصة شاعر وقته على الهادي فأنشد قصيدة فيها:
تشابه يوما بأسه ونواله ... فما أحد يدري لأيهما الفضل
فقال له الهادي: أيما أحب إليك، ثلاثون ألفاً معجلة أو مائة ألف درهم تدون في الدواوين؟ قال: تعجل الثلاثون، وتدون المائة ألف؛ قال: بل تعجلان لك. وفيها ولد للرشيد ابنه الأمين محمد من بنت عمه زبيدة وابنه المأمون عبد الله وأمه أم ولد- يأتي ذكرها في ترجمته-، وفيها عزل الرشيد عمر بن عبد العزيز [العمرىّ]