للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم أخرج الملك الظاهر برقوق إقطاعه وجعله بطّالا سنين طويلة حتى افتقر وطال خموله، واحتاج إلى السؤال، إلى أن طلبه الملك المؤيّد من داره وولّاه نيابة الإسكندرية من غير سؤال.

قلت: وهذه كانت عادة ملوك السّلف أن يقيموا من حطّه الدهر، وينتشلوا ذوى البيوتات من الرّؤساء وأرباب الكمالات.

وقد ذهب ذلك كلّه وصار لا يترقىّ فى الدّول إلا من يبذل المال، ولو كان من أوباش السّوقة لشره الملوك فى جمع الأموال- ولله درّ المتنبى حيث يقول:

[الطويل]

ومن ينفق الساعات فى جمع ماله ... مخافة فقر فالذى فعل الفقر

حدّثنى بعض من حضر قطلوبغا المذكور لمّا طلبه المؤيّد ليستقرّ به فى نيابة الإسكندرية.

فعند حضوره قال له السلطان: أولّيك نيابة الإسكندرية، فمسك قطلوبغا المذكور لحيته البيضاء وقال: يا مولانا السلطان أنا لا أصلح لذلك، وإنما أريد شبع بطنى وبطن عيالى.

يظن أن السلطان يهزأ به، فقال له السلطان: لا والله إنما قولى «١» على حقيقته، ثم طلب له التّشريف وأفاضه عليه، وأمدّه بالخيل والقماش- انتهى.

ثم فى ثانى عشر شهر ربيع الأوّل أمسك السلطان الأستادار بدر الدين حسن بن محب الدين بعد أن أوسعه سبّا، وعوّقه نهاره بقلعة الجبل حتى شفع فيه الأمير جقمق الدّوادار على أن يحمل ثلاثمائة ألف دينار، فأخذه جقمق ونزل به إلى داره