للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ناهز الاحتلام، وبموته انكسرت حدّة المماليك الظاهرية والناصرية، وكان فى كل قليل يكثر الكلام بأن المماليك الظاهرية يثورون وينصّبونه فى السلطنة، وكانوا لا يزالون يتربّصون الدوائر لأجل ذلك، فبطل عزمهم بموته.

وأقام السلطان بدمشق أيّاما، ثم خرج منها يريد حلب، وسار حتى وصل تلّ السلطان، فتقدّم وصفّ الأطلاب بنفسه- وكان إماما فى هذا الشأن، ومعرفة التعبئة للعساكر- فرتّب أطلاب الأمراء أوّلا كل واحد فى منزلته، وليس ذلك بمنزلته فى الجلوس بين يدى السلطان، وإنما بحسب وظيفته؛ فإنّ لكل صاحب وظيفة منزلة يمشى طلبه فيها أمام طلب السلطان- أخذت أنا هذا العلم عن آقبغا التّمرازىّ وعن السّيفى طرنطاى الظاهرىّ شادّ القصر السلطانى- انتهى.

ثم سار السلطان أمام طلبه فى يوم السبت حادى عشرين شهر ربيع الأوّل عند انشقاق الفجر، ومرّ بطلبه من ظاهر حلب ومعهم جميع الأمراء بأطلابهم حتى نزل بالمسطبة الظاهرية فى المخيّم، ومرّ من داخل مدينة حلب نائب الشام ونائب طرابلس، ونائب حماة، ونائب صفد، ونائب غزّة وعدّة كبيرة من التّركمان والعربان حتى خرجوا من الباب الآخر، فهال الناس هذه الرّؤية الغريبة؛ من كثرة العساكر التى قدمت حلب من ظاهرها وباطنها، وأقام السلطان بمخيّمه بالمسطبة أيّاما ينتظر عود القصّاد الذين وجّههم للأطراف.

ثم فى يوم الاثنين ثالث عشرين شهر ربيع الأوّل جلس السلطان بالميدان وعمل به الموكب السّلطانى، وحضره نوّاب البلاد الشّاميّة والعساكر المصرية، فجلس عن يمين السلطان الأتابك ألطنبغا القرمشىّ، وتحته آقباى المؤيّدى نائب الشام، ثم بيبغا المظفرى أمير مجلس، ثم يشبك المؤيّدى نائب طرابلس، ثم جماعة كلّ واحد فى رتبته، وجلس عن يسار السلطان ولده المقام الصّارمىّ إبراهيم، ثم قجقار القردمىّ نائب حلب، ثم تنبك العلائى ميق الأمير آخور الكبير، ثم جارقطلو