للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسبب القبض على آقباى المذكور أنّ السلطان الملك المؤيّد كان اشتراه فى أيام إمرته صغيرا بألفى درهم من دراهم لعب الكنجفة «١» ، وهو أنّ الملك المؤيّد كان قاعدا يلاعب بعض أصحابه بالكنجفة وقد قمر ذلك الرجل بدراهم كبيرة، فأدخل عليه آقباى المذكور مع تاجره فأعجبه واشتراه، وطلب خازنداره ليقبض التّاجر ثمن آقباى المذكور فلم يجده، فوزن له المؤيد ثمنه من تلك الدّراهم التى قمرها، ثم رباه وأعتقه وجعله خازنداره، ثم رقّاه أيام سلطنته إلى أن جعله من جملة أمراء الألوف، ثم دوادارا كبيرا بعد موت جانى بك المؤيدى، ثم ولّاه نيابة حلب.

وكان آقباى شجاعا مقداما مجبولا على طبيعة الكبر، تحدّثه نفسه كلّما انتهى إلى منزلة عليّة إلى أعلى منها، فلمّا ولى نيابة حلب استخدم جماعة من مماليك قانى باى المحمدى نائب الشّام بعد قتله، وأنعم عليهم بالعطاياهم وغيرهم، وبلغ ذلك المؤيد فلم يحرّك ساكنا حتى أشيع عنه الخروج عن الطاعة، وتواترت على المؤيد الأخبار بذلك لاسيّما الأمير ألطنبغا المرقبىّ نائب قلعة حلب فإنه بالغ إلى الغاية، فلما تحقّق الملك المؤيد أمره بادر إلى السّفر إلى جهة بلاد الشام، واحتج بأمر من الأمور، وبلغ آقباى أنّ السلطان بلغه أمره وعزم على السّفر إلى البلاد الشّاميّة لأجله، ورأى أنّ أمره لم يستقم إلى الآن مع معرفته بصولة أستاذه الملك المؤيد فخاف أن يقع له كما وقع لقانى باى ونوروز وغيرهم، وهم هم، فركب من حلب على حين غفلة فى ثمانى هجن كما تقدّم ذكره، وقدم القاهرة بغتة يخادع بذلك السلطان، فانخدع له الملك المؤيد فى الظاهر، وفى الباطن غير ذلك، وقد تجهّز للسفر فلم يمكنه الرّجوع عن السّفر لما أشيع بسفره فى الأقطار، ويقال فى الأمثال: الشّروع ملزم. فخلغ عليه بنيابة الشّام عوضا عن ألطنبغا العثمانى وفى النفس ما فيها، ووقع ما حكيناه من أمر سفر السّلطان ورجوعه إلى دمشق، فلما قدم إلى دمشق وشى بآقباى إلى السلطان دواداره الأمير شاهين الأرغون شاوىّ فى جماعة من أمراء دمشق أن آقباى المذكور يترقّب مرض