السلطان إذا عاوده ألم رجله، وأنه استخدم جماعة من أعداء السلطان، وأنّ حركاته كلّها تدل على الوثوب، فعند ذلك تحرّك ما عند السلطان من الكوامن وقبض عليه، وولى مكانه نائب دمشق الأمير تنبك العلائى ميق «١» الأمير آخور الكبير بعد تمنّع كبير من تنبك إلى أن أذعن ولبس التّشريف «٢» ، فطلب السلطان الأمير قجقار القردمى نائب حلب- كان- وهو بطّال بدمشق، وأنعم عليه بإقطاع الأمير تنبك ميق المذكور، ثم أفرج السلطان عن الأمير ألطنبغا العثمانى نائب الشّام- كان- ورسم له بالتوجه إلى القدس بطّالا، وأقام السلطان بدمشق إلى يوم الاثنين رابع عشر شهر رمضان من سنة عشرين وثمانمائة فخرج من دمشق يريد الدّيار المصرية، ونزل بقبّة يلبغا، ثم سار من قبّة يلبغا وأعاد الأمير تنبك ميق إلى محل كفالته بدمشق [وسار]«٣» إلى أن قدم القدس فى بكرة يوم الجمعة خامس عشرينه فزاره وفرّق به أموالا جزيلة وصلى الجمعة، وجلس بالمسجد الأقصى وقرىء صحيح البخارى من ربعة فرّقت بين يديه على الفقهاء القادمين إلى لقائه من القاهرة، ومن كان بالقدس من أهله، ثم قام المدّاح بعد فراغهم، وخلع السلطان عليهم، فكان يوما مشهودا.
ثم سار السلطان من الغد إلى الخليل- عليه السلام- فزاره وتصدق فيه أيضا بجملة، وخرج منه وسار يريد غزّة، فلقيه أستاداره فخر الدين عبد الغنى بن أبى الفرج فى قرية السّكرية «٤» ، وقبّل الأرض بين يديه، وناوله قائمة فيها ما أعده له من الخيول والأموال وغيرها، فسّر السلطان بذلك على ما سنذكره فيما بعد.
وسار حتى نزل مدينة غزّة فى يوم الاثنين ثامن عشرين شهر رمضان، وأقام بها