الأمراء، ثم تغيّر ذلك كلّه فى أيام الملك الظاهر برقوق لمّا وثب على الملك، فصارت الأمراء يشترون إقطاعات الحلقة أو يأخذونها من السلطان باسم مماليكهم أو طواشيتهم ثم لا يكفهم ذلك حتى ينزلونهم أيضا فى بيت السلطان بجامكيّة، فيصير الواحد من مماليك الأمراء جندىّ حلقة ومملوك سلطان وفى خدمة أمير، فيصير رزق ثلاثة أنفس إلى رجل واحد، فكثر متحصّل قوم وقلّ متحصّل آخرين، فضعف عسكر مصر لذلك، فعلى هذا الحساب يكون العسكر الآن بثلث ما كان أوّلا، هذا غير ما خرج من الإقطاعات فى وجه الرّزق والأملاك وغير ذلك، وهو شىء كثير جدا يخرج عن الحدّ، فمن تأمّل ما ذكرناه علم ما كان عدّة عسكر مصر أوّلا، وما عدته الآن.
هذا مع ما خرّب من النواحى من كثرة المغارم والظّلم المترادف، وقلّة نظر الحكّام فى أحوال البلاد، ولولا ذلك لكان عسكر مصر لا يقاومه عدوّ ولا يدانيه عسكر- انتهى.
ثم فى سابع شهر رمضان هذا أفرج السلطان عن الأمير كمشبغا الفيسىّ أمير آخور- كان- فى الدولة الناصرية، وعن الأمير قصروه من تمراز وكانا بسجن الإسكندرية، وعن الأمير كزل العجمى الأجرود حاجب الحجاب- كان- فى الدولة الناصرية من حبس صفد، وعن الأمير شاهين نائب الكرك، وكان بقلعة دمشق.
ثم فى تاسعه ورد الخبر من حلب بأن قرا يوسف أحرق أسواق عين تاب ونهبها فصالحه أهلها على مائة ألف درهم وأربعين فرسا، فرحل عنها بعد أربعة أيام إلى جهة ألبيرة، وعدّى معظم جيشه إلى البرّ الشرقى فى يوم الاثنين سابع عشر شعبان، وعدّى قرا يوسف من الغد ونزل ببساتين ألبيرة وحصرها، فقاتله أهلها يومين وقتلوا منه جماعة فدخل البلد ونهبها وأحرق أسواقها، وقد امتنع الناس منها ومعهم حريمهم بالقلعة، ثم رحل فى تاسع عشر شعبان إلى بلاده بعد ما أحرق ونهب جميع نواحى ألبيرة ومعاملتها.
ولما بلغ السلطان رجوع قرا يوسف إلى بلاده فرح بذلك وسكت عن السّفر إلى