فعرضوا عليه فى يوم الجمعة سادسه، وابتدأ بعرض من هو فى خدمة الأمراء، فخيّرهم بين الاستمرار فى جملة أجناد الحلقة وترك خدمة الأمراء أو الإقامة فى خدمة الأمراء وترك أخباز الحلقة، فاختار بعضهم خدمة الأمراء وترك خبزه الذي بالحلقة، واختار بعضهم ضدّ ذلك، فأخرج السلطان إقطاع من اختار خدمة الأمراء، وصرف من خدمة الأمراء من أراد الإقامة على إقطاعه بالحلقة، وشكا إليه بعضهم قلّة متحصّل إقطاعه فزاده، وعدّ هذا من جودة تدبير الملك المؤيّد وسيره على القاعدة القديمة؛ فإن العادة كانت فى هذه الدّولة التركيّة أن يكون عسكر مصر على ثلاثة أقسام:
قسم يقال لهم أجناد الحلقة، وموضوعهم أن يكونوا فى خدمة السلطان، ولكل منهم إقطاع فى أعمال مصر، وكل ألف منهم مضافة إلى أمير «١» مائة ومقدّم ألف «٢» ، ولهذا المعنى سمّى الأمير بمصر أمير مائة، أعنى صاحب مائة مملوك فى خدمته ومقدم ألف من هؤلاء أجناد الحلقة، ويضاف أيضا لكل مقدّم ألف أمير طبلخاناه وأمير عشرين وأمير عشرة ومقدّم الحلقة، فإذا عيّن السلطان أميرا إلى جهة من الجهات نزل ذلك الأمير فى الوقت وتهيّأ بعد أن أعلم مضافيه، فيخرج الجميع فى الحال- انتهى.
وكان نظير هؤلاء أيام الخلفاء أهل العطاء وأهل الدّيوان.
والقسم الثانى [يقال لهم]«٣» مماليك السلطان، ولهم جوامك «٤» ورواتب مقرّرة على ديوان السلطان فى كل شهر وكسوة فى السنة.
والقسم الثالث يقال لهم مماليك الأمراء يخدمون الأمراء، وكل من هؤلاء لا يدخل مع آخر فيما هو فيه، فلذلك كانت عدّة عساكر مصر أضعاف ما هى الآن، وهؤلاء غير