للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب الجامع الذي من تحت الربع «١» ، وشقّ القاهرة وكان له مشهد عظيم. هذا والطّاعون قد فشا بالديار المصرية وتزايد بها وبأعمالها.

فلما كان يوم الخميس ثامن شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وعشرين المذكورة نودى فى الناس من قبل المحتسب الشيخ صدر الدين بن العجمى أن يصوموا ثلاثة «٢» أيّام آخرها يوم الخميس خامس عشره ليخرجوا فى ذلك اليوم مع السلطان الملك المؤيّد إلى الصحراء فيدعو الله فى رفع الطاعون عنهم، ثم أعيد النداء فى ثانى عشره أن يصوموا من الغد، فتناقص عدد الأموات فيه، فأصبح كثير من الناس صياما، فصاموا يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس. فلمّا كان يوم الخميس المذكور نودى فى الناس بالخروج إلى الصّحراء من الغد، وأن يخرج العلماء والفقهاء ومشايخ الخوانق وصوفيّتها وعامّة الناس، ونزل الوزير بدر الدين حسن بن نصر الله، والتاج الشّوبكى أستادار الصحبة إلى تربة الملك الظاهر برقوق فنصبوا المطابخ بالحوش القبلى منها وأحضروا الأغنام والأبقار، وباتوا هناك فى تهيئة الأطعمة والأخباز، ثم ركب السلطان بعد صلاة الصبح ونزل من قلعة الجبل بغير أبّهة الملك بل عليه ملوطة «٣» صوف أبيض بغير شدّ فى وسطه، وعلى كتفيه مئزر صوف مستدل «٤» كهيئة الصّوفيّة، وعلى رأسه عمامة صغيرة ولها عذبة مرخاة من بين لحيته وكتفه الأيسر وهو بتخشّع وانكسار، ويكثر من التلاوة والتسبيح، وهو راكب فرسا بقماش ساذج ليس فيه ذهب ولا فضة ولا حرير.

هذا وقد أقبل الناس إلى الصحراء أفواجا، وسار شيخ الإسلام قاضى القضاة جلال