الدين عبد الرحمن البلقينى الشّافعى من منزله بحارة بهاء الدين «١» ما شيا إلى الصحراء فى عالم كثير.
ثم سار غالب أعيان مصر إلى الصحراء ما بين راكب وماش حتى وافوا السلطان بالصحراء قريبا من قبة النصر ومعهم الأعلام والمصاحف، ولهم بذكر الله تعالى أصوات مرتفعة من التهليل والتكبير.
فلما وصل السلطان إلى مكان الجمع بالصحراء ونزل عن فرسه وقام على قدميه وعن يمينه وشماله الخليفة والقضاة وأهل العلم، ومن بين يديه وخلفه طوائف من الصّوفيّه ومشايخ الزّوايا وغيرهم لا يحصيهم إلا الله تعالى، فبسط السلطان يديه ودعا الله سبحانه وتعالى وهو يبكى وينتحب والجمّ الغفير يراه ويؤمّن على دعائه، وطال قيامه فى الدّعاء وكلّ أحد يدعو الله تعالى ويتضرّع إلى أن أستتمّ الدّعاء، وركب يريد الحوش «٢» الظاهرى حيث مدّ الطعام والناس فى ركابه وبين يديه من غير أن يمنعهم من ذلك مانع، وسار حتى نزل بالحوش المذكور من التربة الظاهريّة، وقدّم له الأسمطة فأكل منها وأكل الناس معه.
ثم ذبح بيده قربانا- قرّبه إلى الله تعالى- نحو مائة وخمسين كبشا سمينا من أثمان خمسة دنانير الواحد.
ثم ذبح عشر بقرات سمان وجاموستين وجملين كل ذلك وهو يبكى ودموعه تنحدر على لحيته بحضرة الملأ من الناس.
ثم ترك القرابين على مضاجعها كما هى للناس وركب إلى القلعة، فتولّى الوزير التاج تفرقتها صحاحا على أهل الجوامع المشهورة والخوانق وقبّة الإمام الشافعى والإمام