وإنما يحمل على الأكتاف حتى يركب، ثم يحمل حتى ينزل، وسار إلى جهة القلعة والعامة محيطة به يدعون له، فكان هذا اليوم من الأيام المشهودة، ومن أحسن ما نقل عنه فى هذه الرّكبة أن بعض العامة دعا له حالة الاستسقاء أنّ الله ينصره، فقال لهم الملك المؤيد: اسألوا الله فيما نحن بصدده، وإنما أنا واحد منكم- لله درّه فيما قال.
ثم فى غده نودى على النيل بزيادة اثنى عشر إصبعا بعد ما ردّ النقص، وهو قريب سبعة وعشرين إصبعا، فتباشر الناس باستجابة دعائهم.
ثم قدم الخبر على السلطان بنزول قرا يوسف على بغداد وقد عصاه ولده شاه محمد «١» بها، فحاصره ثلاثة أيام حتى خرج إليه، فأمسكه أبوه قرا يوسف واستصفى أمواله وولّى عوضه على بغداد ابنه أميرزة أصبهان، ثم عاد قرا يوسف إلى مدينة تبريز لحركة شاه رخّ بن تيمور لنك عليه.
ثم فى يوم الاثنين سابع عشر شهر رجب ركب السلطان من قلعة الجبل ونزل إلى بيت كاتب السرّ ابن البارزىّ على عادته ليقيم به ونزل الأمراء بالدّور من حوله، وصارت الخدمة تعمل هناك، وكان السلطان قد انقطع عن النزول إليه من يوم مات ابنه.
ثم فى يوم الأربعاء تاسع عشره جمع السلطان خاصّته ونزل إلى البحر وسبح فيه «٢» ، وعام من بيت كاتب السرّ إلى منية الشّيرج ثم عاد فى الحرّاقة، وكثر تعجّب الناس من قوّة سبحه مع زمانة رجله وعجزه عن الحركة والقيام، ولمّا أراد أن ينزل للسّباحة أقعد فى تخت من خشب كهيئة مقعد المحفّة، وأرخى من أعلى الدار بجبال وبكر إلى الماء، فلمّا عاد فى الحرّاقة رفع فى التخت المذكور من الحرّاقة إلى أعلى الدّار حتى جلس على مرتبته، فنودى من الغد على النّيل بزيادة ثلاثين إصبعا، ولم يزد فى هذه السنة مثلها، فتيامن الناس بعوم السلطان فى النيل، وعدّوا ذلك من جملة سعادته، وقالت العامة: الزيادة ببركته.