فى العربيّة، وشارك فى الفقه، وناب فى الحكم بالقاهرة، وعرف الفرائض، ونظم ونثر، وصنّف كتاب صبح الأعشى فى صناعة الإنشاء، جمع فيه جمعا كبيرا مفيدا، وكتب فى الفقه وغيره.
وتوفّى الأمير سيف الدين بيسق بن عبد الله الشّيخىّ الظاهرىّ، أحد أمراء الطّبلخانات، وأمير آخور ثانى، فى جمادى الآخرة بالقدس بطّالا، بعد أن ولى إمرة الحاجّ فى أيّام أستاذه الملك الظاهر برقوق، وأيّام ابن أستاذه الملك الناصر فرج غير مرّة، وولى عمارة المسجد الحرام بمكّة لمّا اخترق فى سنة ثلاث وثمانمائة، ثم تنكّر عليه الملك الناصر، وأخرجه منفيّا إلى صهره الأمير إسفنديار ملك الرّوم، فأقام بها حتى تسلطن الملك المؤيد شيخ، فقدم عليه، فلم يقبل عليه الملك المؤيّد شيخ لأنّه كان من حواشى الأمير نوروز الحافظى، وأقام بداره مدّة، ثم أخرجه المؤيد إلى القدس بطّالا، فمات به، وكان أميرا عاقلا، عارفا بالأمور، متعصبا للفقهاء الحنفيّة، وفيه برّ وصدقة، مع شراسة خلق وحدّة مزاج، وقد ترجمه الشيخ تقىّ الدين الفاسى «١» قاضى مكّة ومؤرّخها، ونعته بالأمير الكبير، على أنّ بيسق، لم يعط إمرة مائة ولا تقدمة ألف البتّة، وإنما أعظم ما وصل إليه الأمير آخورية الثانية، وإمرة طبلخاناه لا غير، فبينه وبين المقدّم درجات، وبين المقدم والأمير الكبير درجات، فترجمه الفاسى بالأمير الكبير دفعة واحدة، وكذا وقع له فى جماعة كبيرة من أعيان المصريين، فكلّ ذلك لعدم ممارسته لهذا الشأن، وإن كان الرجل حافظا ثقة، عارفا بفن الحديث ورجاله، إماما فى معرفة أهل بلده، وأحوال المسجد الحرام، وقد أجاد فيما صنّفه من تاريخ مكّة المشرّفة إلى الغاية بخلاف تأريخه التّراجم، فإنه قصّر فيه إلى الغاية، وأقلب ملوك الأقطار وأعيانها- ما عدا أهل مكة- ظهرا لبطن، وأعظم من رأيناه فى هذا الشأن الشيخ تقي الدين المقريزىّ، وقاضى القضاة بدر الدين العينى، وما عداهما فمن مقولة الشيخ تقي الدين الفاسى، ولم أرد بذلك الحطّ على أحد،