يوم ذاك من جملة أمراء العشرات، ثم لا زال ينتقل من الأعمال والوظائف إلى أن ولّاه الملك المؤيد شيخ أتابك العساكر بالديار المصرية، بعد وفاة الأتابك يلبغا الناصرى، ثم نقله إلى نيابة دمشق بعد خروج قانى باى المحمدى، ثمّ أمسكه وسجنه بقلعة دمشق مدّة أيام، ثم أطلقه ورسم له بالتوجّه إلى القدس بطالا، فتوجّه إليه ودام به إلى أن مات، وكان أميرا جليلا عاقلا ساكنا متواضعا وقورا وجيها فى الدّولة، طالت أيامه فى السعادة- رحمه الله تعالى.
وتوفّى الأمير علاء الدين قطلوبغا نائب الإسكندرية بها فى يوم الخميس خامس عشر ذى الحجة، وكان ولى الحجوبيّة فى دولة الملك المنصور حاجى «١» بتقدمة ألف بالقاهرة، فلمّا عاد الظاهر برقوق إلى الملك أخرج عنه إقطاعه، وطال خموله، وحطّه الدّهر وافتقر، إلى أن طلبه المؤيد وولّاه نيابة الإسكندرية، وهو لا يملك القوت اليومىّ. وقد تقدّم ذكر ذلك فى أصل ترجمة الملك المؤيد من هذا الكتاب.
وتوفّى المسند المعمّر المحدّث شرف الدين محمد ابن عز الدين أبى اليمن محمد بن عبد اللطيف بن أحمد بن محمود بن أبى الفتح الشهير بابن الكويك «٢» الرّبعى الإسكندرى الشافعى، فى يوم السبت سادس عشرين ذى القعدة، ومولده فى ذى القعدة سنة سبع وثلاثين وسبعمائة بالقاهرة، وكان تفرّد بأشياء عالية، وتصدّى للإسماع عدّة سنين، وأخّر قبل موته، وكان خيّرا ساكنا، كافّا عن الشّرّ، من بيت رياسة وفضل، وأول سماعة- حضورا- سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، ولم يشتهر بعلم.