أحمد الله تعالى على هلاك هذا الظّالم فى عنفوان شبيبته، ولو طال عمره لملأ ظلمه وجوره الأرض، وقد استوعبنا ترجمته فى تاريخنا المنهل الصّافى «١» بأطول من هذا، وذكرنا من اقتدى به من أقاربه فى الظّلم والجور وسوء السّيرة، ألا لعنة الله على الظّالمين.
قلت: وأعجب من ظلمهم إنشاؤهم المدارس والرّبط، من هذا المال القبيح، الذي هو من دماء المسلمين [وأموالهم]«٢» . وأما مدرسة فخر الدين هذا، ومدرسة جمال الدين البيرىّ الأستادار «٣» ، ومدرسة أخرى، بالقرب من باب سعادة، فهذه «٤» المدارس الثلاث فى غاية ما يكون من الحسن، والعمل المتقن من الزّخرفة، والرّخام الهائل، ومع هذا أرى أن القلوب ترتاح إلى بلاط دهليز خانقاه سعيد السّعداء، وبياضها الشّعث أكثر من زخرفة هؤلاء ورخامهم، وليس يخفى هذا على أرباب القلوب النيّرة، والأفكار الجليلة- انتهى.
وتوفّى الأمير الطّواشى بدر الدين لؤلؤ العزّى الرّومىّ، كاشف الوجه القبلى، فى يوم الأربعاء رابع عشرين شوّال، وكان يلى الأعمال، فصودر وعوقب غير مرّة، وكان من الظّلمة الفتّاكين، وكانت أعيان الخدّام تكره منه دخوله فى هذا الباب، وتلومه على ذلك.
وتوفّى الأمير الكبير علاء الدين ألطنبغا بن عبد الله العثمانى [الظاهرى]«٥» أتابك العساكر بالدّيار المصرية، ثمّ نائب الشام بطالا بالقدس، فى يوم الاثنين ثانى عشرين شوّال، وكان أعظم مماليك الملك الظاهر برقوق فى زمانه، وأجلّهم قدرا، وأرفعهم منزلة، فإنه ولى نيابة صفد فى دولة أستاذه الملك الظاهر برقوق، والملك المؤيد