والنّظم والنّثر والتّرسّل والمكاتبات، والباع الواسع فى التاريخ وأيام الناس وأفعال السلف، كما وقع للملك الظّاهر برقوق لمّا ورد عليه كتاب من بعض ملوك العجم فلم يقدر القاضى بدر الدين بن فضل الله على حلّه- وهو [كاتب سره]«١» - فاحتاج السلطان إلى أن طلب من أثناء طريق دمشق الشيخ بدر الدين محمود الكلستانى، وهو من جملة صوفية خانقاه شيخون «٢» ، حتى حلّ له ألفاظه، وصادف ذلك قرب أجل ابن فضل الله فسعى فى وظيفة كتابة السر جماعة [كبيرة]«٣» من الأعيان بمال له صورة، فلم يلتفت برقوق إليهم، وأرسل أحضر الكلستانى، ولم يكن عليه ملّوطة يتجمل بها، وخلع عليه باستقراره فى كتابة السر، وقد تقدّم ذكر ذلك كله فى ترجمة الملك الظاهر برقوق الثانية، فصار الكلستانى على طريق أذهل فيها الملك الظاهر برقوق ونبّهه على أشياء لم يكن سمعها من غيره، ثم لم يل هذه الوظيفة بعد الكلستانى أمثل من القاضى ناصر الدين بن البارزىّ، ثم ولده كمال الدين هذا، فإنهما كانا أهلا لها وزيادة، فعند ما عزل واستقرّ عوضه علم الدين هذا شقّ ذلك على أهل العلم والذّوق، وصادف ذلك بأنه لما جلس علم الدين على الدكّة، وقرأ القصص على الأمير الكبير ططر صحّف اسم ابن جمّاز بابن الحمار، وقال ابن الحمّار، فردّ عليه نقيب الجيش فى الملأ ابن جمّاز ابن جمّاز، وكرّر ذلك حتى ضحك الناس، وطلع الأمير ططر إلى الأشرفية، ووعد فى تلك الليلة الشيخ بدر الدين بن الأقصرائى سرّا بوظيفة كتابة السّر إن تمّ أمره، وأمره أن يكتم ذلك إلى وقته.
ثم قدم الخبر من الشام بأن الأمير «٤» جقمق الأرغون شاوى نائب الشام امتنع من الدخول فى طاعة الأمير ططر، وأنه أخذ قلعة دمشق واستولى عليها، وعلى ما فيها