من الأموال والسّلاح وغير ذلك، وكان بها نحو المائة ألف دينار، فاضطرب أهل الدّولة إلا الأمير ططر فإنه لم يتحرّك لذلك وطلع إليه حموه الأمير سودون الفقيه الظاهرى، وكان له عنده مكانة عظيمة، فجاراه سودون فى أمر جقمق، فقال له ططر:
يا أبى الأهم ألطنبغا القرمشى الظاهرى، وأما جقمق فإنه رجل غريب مملوك أمير ليس له من يقوم بنصرته، ولا من يعينه على ما يرومه، غير أنه يلعب فى ذهاب مهجته، فقال له سودون الفقيه: وإن يكن فافعل الأحوط، وأشار عليه بما يفعله.
فلما كان يوم الخميس عاشر صفر «١» جمع الأمير الكبير القضاة عنده بطبقة الأشرفية من القلعة، وسائر أمراء الدّولة ومباشريها وكثيرا من المماليك السّلطانية، وأعلمهم بأن نوّاب الشام والأمير الكبير ألطنبغا القرمشى ومن معه من الأمراء المجردين لم يرضوا بما عمله الأمير ططر بعد موت السّلطان الملك المؤيّد، ثم قال: ولا بد للناس من حاكم يتولى أمر تدبير أمورهم، وأن يعينوا رجلا يرضونه ليقوم بأعباء المملكة، ويستبدّ بالأمور، فقال جميع من حضر بلسان واحد قد رضينا بك، وكان الخليفة حاضرا فيهم، فأشهد الأمير ططر عليه أنه فوّض جميع أمور الرّعيّة إلى الأمير الكبير ططر، وجعل إليه عزل من يريد عزله، وولاية من يريد ولايته من سائر الناس، وأن يعطى من يختار، ويمنع من شاء من العطايا، ما عدا اللّقب السلطانى، والدّعاء على المنابر وضرب الاسم على الدّينار والدّرهم، فإن هذه الثلاثة باقية على ما هى عليه باسم السلطان الملك المظفّر أحمد، وأثبت قاضى القضاة زين الدين عبد الرحمن التّفهنى الحنفى هذا الإشهاد، وحكم بصحته ونفّذ حكمه قضاة القضاة الثلاثة، ثم حلف الأمراء جميعهم للأمير الكبير ططر يمينهم المعهود [بالطاعة له]«٢» فى كل قليل.
وكان سبب هذا أن بعض أعيان الفقهاء الحنفية ذكر للأمير ططر نقلا «٣» أخرجه إليه من فروع المذهب أن السلطان إذا كان صغيرا، وأجمع أهل الشوكة على إقامة رجل