المصرية، ووافقه على ذلك رفقته من الأمراء، وبرز بمن معه إلى ظاهر حلب، وخرجوا من باب المقام، وبلغ ذلك الأمير يشبك نائب حلب وكان لم يخرج لتوديعهم، فعزم على أن يركب ويقاتلهم، وبلغ ذلك القرمشى فى الحال، فأرسل إليه دواداره السّيفى خشكلدى القرمشى.
حدّثنى خشكلدى المذكور من لفظه قال: ندبنى أستاذى الأمير ألطنبغا القرمشى أن أتوجّه إلى الأمير يشبك؛ وأذكر له مقالة القرمشى له، فتوجّهت إليه، فإذا به قد طلع إلى منارة جامع حلب، فطلعت إليه بها، وسلّمت عليه فردّ علىّ السلام، وقال: هات ما معك. فقلت: قد تعبت من طلوع السّلّم، أمهل علىّ ساعة فإنى جئت من ملك إلى ملك، فأمهلنى ساعة فبدأته بأن قلت: الأمير الكبير يسلم عليك، ويقول لك بلغه أنّك تريد قتاله بمن معه من الأمراء، وهو يسألك ما القصد فى قتاله، وقد استولى ططر على الدّيار المصرية، وجقمق على البلاد الشاميّة؟ فاقصدهما فإنهما هما الأهمّ، فإن أجليتهما عمّا ملكاه فنحن فى قبضتك، وإن كانت الأخرى فما بالك بالتشويش علينا لغيرك، ونحن ناس سفّار غرباء البلاد، قال: فلما سمع كلامى سكت ساعة، وقال: يسافروا، من وقف فى طريقهم؟ ومن هو الذي يقاتلهم؟
أو معنى هذا الكلام، قال: فبست يده وعدت بالجواب إلى الأمير الكبير، وقبل أن أبلغه الرّسالة إذا يشبك المذكور نزل من المنارة، ولبس آلة الحرب هو ومماليكه فى الحال، وقصد الأمراء وهم بالسّعدى، فلما رآه الأمراء المصريون ركبوا، ورجعوا إليه وحملوا عليه حملة واحدة انكسر فيها، وتقنطر عن فرسه، وقطعت رأسه فى الوقت، فعاد الأمير الكبير ألطنبغا القرمشى بمن معه من الأمراء إلى حلب، ونزل بدار السعادة، ومن غريب ما اتّفق أن الأمير يشبك المذكور كان قد استوى سماطه، فأخّره إلى أن يقبض على الأمراء، ويعود يأكله، فقتل فى الحال ودخل القرمشى بمن معه ومدّ السّماط بين أيديهم فأكلوه، وكانوا فى حاجة إلى الأكل، واستمرّ القرمشى بحلب مدّة إلى أن ولّى نيابة حلب الأمير ألطنبغا