ويخرج لصلاة الجمعة بالجامع الذي بالثّغر، ويركب حيث يشاء، وأرسل إليه فرسا بسرج ذهب وكنبوش زركش وبقجة «١» قماش، ورتّب له على الثّغر فى كل يوم ثمانمائة درهم لمصارف نفقته، فوقع ذلك من الناس الموقع الحسن.
واستهل ذو الحجة يوم الخميس والسلطان فى زيادة [ألم]«٢» من مرضه ونموّه، والأقوال مختلفة فى أمره، والإرجاف بمرضه يقوى.
فلمّا كان يوم الجمعة ثانى ذى الحجة استدعى السلطان الخليفة والقضاة والأمراء وأعيان الدّولة إلى القلعة- وقد اجتمع بها غالب المماليك السلطانيّة- فلما اجتمعوا عند السلطان كلم الخليفة والأمراء فى إقامة أبنه فى السلطنة بعده، فأجابوه إلى ذلك، فعهد إلى ابنه محمد بالملك، وأن يكون الأمير جانى بك الصّوفىّ هو القائم بأمره ومديّر مملكته، وأن يكون الأمير برسباى الدّقماقىّ لالا السلطان والمتكفّل بتربيته، وحلف الأمراء على ذلك كما حلفوا لابن الملك المؤيّد شيخ.
ثم أذن السلطان لقاضى القضاة ولىّ الدين العراقى أن يحكم، وأعيد إلى القضاء، وانفض الموكب ونزل الناس إلى دورهم، وقد كثر الكلام بسبب ضعف السلطان، وأخذ الناس وأعيان الدّولة فى توزيع أمتعتهم وقماشهم من دورهم، خوفا من وقوع فتنة.
وثقل السلطان فى الضّعف، وأخذ من أواخر يوم السّبت ثالثه فى بوادر النّزع إلى أن توفّى ضحوة «٣» نهار الأحد رابع ذى الحجّة من سنة أربع وعشرين وثمانمائة، فأضطرب الناس ساعة ثم سكنوا عند ما تسلطن ولده الملك الصالح محمد- حسبما يأتى ذكره- ثم أخذ الأمراء فى تجهيز الملك الظّاهر ططر، فغسّل وكفّن وصلّى عليه، وأخرج من باب السّلسلة، وليس معه إلا نحو عشرين رجلا لشغل الناس بسلطنة ولده، وساروا به حتى دفن بالقرافة من يومه بجوار الإمام اللّيث بن سعد رضى الله عنه،