للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد مات الملك المؤيد بحسرة أن نكون فى طاعته، فيتركنا ويميل إلى يشبك الجكمىّ وهو رجل غريب ليس له شوكة ولا حاشية- انتهى.

ولما خرج سودون من عبد الرحمن من عند جانى بك الصّوفى طلب جانى بك الصّوفى يشبك الأمير آخور المذكور، وعرّفه قول سودون من عبد الرحمن، واستشاره فيما يفعل معهم- وقد بلغه أن الأمراء تغيّروا عليه- فاتفق رأيهما على أنه يتمارض، فإذا نزل الأمراء لعيادته قبض عليهم، وافترقوا على ذلك. وباتوا تلك الليلة وقد عظم جمع طرباى وبرسباى من الأمراء والمماليك السلطانية، ولم ينضم على جانى بك الصّوفى غير جماعة من المماليك المؤيدية الصغار أعظمهم دولات باى المحمودى السّاقى.

ولما أصبح يوم الأربعاء ثامن ذى الحجة أشيع أن الأمير الكبير جانى بك الصّوفى متوعك، فتكلم الناس فى الحال أنها مكيدة حتى ينزل إليه الأمير برسباى فيقبض عليه، فلم ينزل إليه برسباى وتمادى الحال إلى يوم الجمعة عاشره وهو يوم عيد النحر.

فلما أصبح نهار الجمعة انتظر الأمير برسباى طلوع الأمير الكبير لصلاة العيد، فلم يحضر ولم يطلع، فتقدم الأمير برسباى وأخرج السلطان من الحريم وتوجّه به إلى الجامع ومعه سائر الأمراء والمماليك، فصلّى بهم قاضى القضاة الشافعى صلاة العيد، وخطب على العادة، ثم مضى الأميران برسباى وطرباى بالسلطان إلى باب السّتارة فنحر السلطان هناك ضحاياه من الغنم، وذبح الأمير برسباى ما هناك من البقر نيابة عن السلطان، ثم انفض الموكب، ونزل الأمير طرباى إلى بيته هو وجميع الأمراء وذبحوا ضحاياهم، وتوجه الأمير برسباى إلى طبقة الأشرفية، وبينما هو ينحر ضحاياه بلغه أن الأمير الكبير جانى بك الصّوفى لبس السلاح وألبس مماليكه، ولبس معه جماعة كبيرة من المؤيدية، وغيرهم، فاضطرب الناس، وأغلق باب القلعة ودقت الكؤوسات حربيا.

وكان من خبر جانى بك الصّوفى أنه لمّا تمارض لم يأت إليه أحد ممن كان أراد مسكه، فأجمع رأيه حينئذ على الركوب، وجمع له الأمير يشبك جماعة من إنياته من الماليك المؤيدية ومن أصحابهم.