واستمر على هذا، فعند ذلك كثر تردد الناس إلى بابه لقضاء حوائجهم، وعظم وضخم.
ولما كان يوم ثامن عشر ذى الحجة [المذكورة]«١» ورد الخبر بأن الأمير تغرى بردى المؤيّدىّ نائب حلب خرج عن طاعة السلطان، وقبض على الأمراء الحلبيّين، واستدعى التّركمان والعربان، وأكثر من استخدام المماليك.
وسبب خروجه عن الطاعة أنّه بلغه أن الملك الظّاهر ططر عزله، وأقرّ عوضه فى نيابة حلب الأمير تنبك البجاسىّ نائب طرابلس، فلما تحقّق ذلك خرج عن الطّاعة وفعل ما فعل، فشاور الأمير برسباى الأمراء فى أمره، فوقع الاتفاق على أن يكتب للأمير تنبك البجاسىّ بالتوجّه إليه وصحبته العساكر وقتاله، وأخذ مدينة حلب منه، وباستقراره فى نيابتها كما كان الملك الظّاهر ططر أقرّه، وكتب له بذلك.
ثم فى يوم ثالث عشرين ذى الحجّة: خلع الأمير برسباى على القاضى صدر الدين أحمد بن العجمى باستقراره فى حسبة القاهرة على عادته، بعد عزل قاضى القضاة جمال الدين يوسف البساطى.
ثم فى يوم سابع عشرينه ابتدأ الأمير برسباى نظام الملك فى نفقة المماليك السلطانية، وهو والأمراء على تخوّف من المماليك السّلطانية أن يمتنعوا من أخذها؛ وذلك أنّهم وعدوا المماليك فى نوبة الأمير الكبير جانى بك الصّوفى لكل واحد بمائة دينار، فلم يصرّ لكل واحد سوى خمسين دينارا من أجل قلّة المال؛ فإن الملك الظاهر ططر فرّق الأموال التى خلّفها الملك المؤيد [شيخ]«٢» جميعها، حتى إنه لم يبق منها بالخزانة السّلطانية غير ستين ألف دينار، ومع ما فرّقه من الأموال زاد فى جوامك المماليك بالدّيوان المفرد فى كل شهر ما ينيف على عشرة آلاف دينار، ولذلك استعفى صلاح الدين بن نصر الله من وظيفة الأستاداريّة، بعد أن قام هو وأبوه الصاحب بدر الدين