حسن بن نصر الله ناظر الخواصّ الشريفة بعشرة آلاف دينار فى ثمن الأضحية، وبعشرين ألف دينار مساعدة فى نفقة المماليك السلطانية، ثم تقرّر على كلّ من مباشرى الدّولة شىء من الذّهب حتى تجمع من ذلك كلة نفقة المماليك.
ولما جلس السلطان والأمراء لنفقة المماليك أخذ الأمير برسباى نظام الملك الصّرّة من النفقة بيده، وكلّم المماليك السلطانية بما معناه: إن الملك الظاهر ططر لم يدع فى بيت المال من الذّهب سوى ما هو كيت وكيب، وأنّهم عجزوا فى تحصيل المال لتكملة النفقة، ولم يقدروا إلا على هذا الذي تحصّل معهم، ثم وعدهم بكلّ خير، وأمر كاتب المماليك فاستدعى اسم أوّل من هو بطبقة الرّفرف «١» ، وكانت المماليك قبل أن يدخلوا الحوش السّلطانى اتفقوا على أنه إذا استدعى كاتب المماليك اسم أحد فلا يخرج إليه، ولا يأخذ النفقة إلا إن كانت مائة دينار، وتوعّدوا من أخذ ذلك بالقتل والإخراق، فلمّا استدعى كاتب المماليك اسم ذلك الرجل خرج بعد أن سمع كلام الأمير [برسباى]«٢» نظام الملك من العذر الذي أبداه، وقال: إن أعطانا السلطان كفّ تراب أخذناه، فشكره نظام الملك على ذلك، ورمى له الصّرّة فأخذها، وقبّل الأرض وخرج، ولم يجسر أحد على أن يكلّمه الكلمة الواحدة بعد ذلك التهديد والوعيد، ثم صاح كاتب المماليك باسم غيره فخرج وأخذ، وتداول ذلك منه وكل من استدعى «٣» اسمه خرج وأخذ إلى آخرهم، فأخذ الجميع النفقة، وانفضّوا بغير شرّ.
قلت: وهذه عادة المماليك يطلعون من ألف وينزلون إلى درهم، وكان الذي أخذ النفقة فى هذه النّوبة ثلاثة آلاف ومائتى مملوك، والمبلغ مائة وستّين ألف دينار.