من طرابلس بالعساكر فى رابع عشر ذى الحجة من سنة أربع وعشرين [وثمانمائة]«١» إلى ظاهر طرابلس، وأقام يتجهز بالمكان المذكور إلى سادس عشر ذى الحجة، وبينما هو فى ذلك ورد عليه الخبر بموت الملك الظاهر ططر، فأمسك عند ذلك الأمير تنبك [البجاسىّ]«٢» عن المسير إلى حلب حتى ورد عليه مرسوم الملك الصالح محمد ابن الملك الظاهر ططر باستمراره على نيابة حلب، وصحبة المرسوم الخلعة والتشريف بنيابة حلب، وبالمسير إلى حلب، فسار إليها لإخراج تغرى بردى منها، وعند مسيره إلى جهة حلب وافاه الأمير إينال النّوروزىّ نائب صفد بعسكرها، وتوجّه الجميع إلى حلب، فلما سمع تغرى بردى بقدومهم فرّ من حلب قبل أن يقاتلهم، وتوجّه نحو بلاد الرّوم، وقيل قاتلهم وانكسر، وسار الأمير تنبك البجاسىّ خلفه من ظاهر حلب إلى الباب «٣» فلم يدركه، ورجع إلى حلب وأقام بها إلى ما يأتى ذكره.
وفى رابع عشرين المحرّم قدم أمير حاج المحمل بالمجمل، وهو الأمير تمرباى اليوسفىّ المؤيدى المشدّ كان، وهو يومئذ من جملة أمراء الألوف بالديار المصرية، وقد كثر ثناء الناس عليه بحسن سيرته فيهم، فخلع عليه ونزل إلى داره، فلما كان يوم الخميس ثامن عشرين المحرم طلع المذكور إلى الخدمة السلطانية، فقبض عليه وعلى الأمير قرمش الأعور الظاهرىّ برقوق أحد مقدمى الألوف، وكان قرمش أحد أعيان أصحاب جانى بك الصوفىّ، وأخرج هو وتمرباى إلى ثغر دمياط، وأنعم على الأمير يشبك الساقى الظاهرى الأعرج بإمرته دفعة واحدة من الجندية.
وكان من خبر قرمش هذا مع الأمير برسباى الدّقماقى أن الأمير الكبير جانى بك الصوفى، لما صار أمر المملكة إليه بعد موت الملك الظاهر ططر أمره بالجلوس بباب السّتارة ليكون عينا على الأمير برسباى الدّقماقى، فأخذ الأمير برسباى [الدّقماقى]«٤»