السيوف من حواشى طرباى بعد أن فات الأمر وقد خطف الأمير برسباى التّرس الفولاذ من يد السلطان الملك الصالح محمد وتترّس به، وأعطى ظهره إلى الشّباك وسيفه مسلول بيده فلم يجسر أحد على التقدّم إليه لكثرة حاشيته، ولقوة شوكته، ثم سكتت الهجّة فى الحال، وردّ كلّ واحد من أصحاب طرباى سيفه إلى غمده عندما رأوا أن الأمر فاتهم، وقالوا: نحن من أصحاب برسباى، فعرف برسباى الجميع ولم يؤاخذ أحدا منهم بعد ذلك، وتكسّر بعض صينىّ مما كان فيه الطعام للسّماط السلطانى لضيق المكان، فإن الحركة المذكورة كانت بالقصر الصغير السلطانى «١» حيث فيه الشرابخاناه، وطلب الأمير برسباى فى الحال المزيّن وأرسله إلى طرباى فخاط جراحه بعد ما قيّده، ثم أصبح من الغد حمله إلى الإسكندرية فسجن بها، إلى أن أطلقه فى أيّام سلطنته حسبما نذكره فى محلّه فى ترجمد الملك الأشرف برسباى إن شاء الله تعالى.
وخلا الجوّ للأمير برسباى بمسك الأمير طرباى هذا.
قلت: وكان فى أمر الأمير طرباى هذا عبرة لمن اعتبر، وهو أن طرباى لا زال بجانى بك الصّوفىّ حتى خدعه وغدر به عند ما أنزله من الحرّاقة بباب السّلسلة وتحيّل عليه حتى قبضه وحمله مقيّدا إلى سجن الإسكندرية وسجن بها، وقد ظنّ أن الأمر صفا له وأنه لا يعدل عنه إلى غيره لاستخفافه بالأمير برسباى فأتاه الله من حيث لم يحتسب، وعمل عليه الأمير برسباى حتى خدعه وأطلعه إلى القلعة، وصار فى يده بعد ما امتنع ببرّ الجيزة أيّاما، والناس تترقّب حركته ليكونوا فى خدمته، وفى قتال عدوّه، إلى أن عدّى من برّ الجيزة ومشى لحتفه بقدميه، فكان حاله فى ذلك كقول الإمام أبى الفتح البستىّ حيث قال [رحمه الله تعالى]«٢» .
أرى قدمى أراق دمى وإن كان طرباى لم يهلك- فى هذه- الموتة المكتوبة فقد مات معنى، وحمل