للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمير برسباى لا ينهض بأمر يفعله فى حقه، وأيضا لا يقابله بسوء لماله عليه من الإيادي قديما وحديثا.

فلما أصبح نهار الخميس رابع شهر ربيع الأوّل ركب الأمير الكبير طرباى من داره ومعه جماعة كبيرة من حواشيه، وطلع إلى القلعة، وكان لقلة سعده غالب من هو معه من خشداشيته رءوس نوب، ليس فى أوساطهم سيوف، فما هو إلا أن دخل فى «١» الخدمة، واستقرّ به الجلوس فى منزلته وقرىء الجيش «٢» على السّلطان، وانتهت العلامة «٣» ، وأحضر السّماط وقام الجميع على أقدامهم، أبتدأ الأمير [الكبير] «٤» برسباى الدّقماقى نظام الملك بأن قال: الحال ضائع، والكلمة متفرّقة، وأحوال الناس متوقّفة لعدم اجتماع الناس على كبير يرجع إليه فيما يرسم به، ولابدّ للناس من كبير يرجع إليه فى أمور الرّعية، فأجابه فى الحال- قبل أن يتكلّم طرباى- الأمير قصروه رأس نوبة النّوب، وقال: أنت كبيرنا ومع وجودك من يكون خلافك؟ افعل ما شئت، فقال الأمير برسباى عند ذلك: اقبضوا على هذا وعنى الأمير الكبير طرباى، فلما سمع طرباى ذلك جذب سيفه ليدفع عن نفسه، وأراد القيام فسبقه الأمير برسباى نظام الملك، وضربه بالسيف ضربة جاءت فى يده كادت تبينها- وهى على ظاهر كفه حيث كان قابضا بها على سيفه- ثم بادره الأمير قصروه وأعاقه عن تمام القيام، وتقدّم إليه الأمير تغرى بردى المحمودىّ وقبض عليه من خلفه كالمعانق له، وحمل من وقته إلى أعلى القصر، وقيّد فى الحال، وقد تضمّخ بدمه، ووقعت الهجّة بالقصر، وتسللت