ولا من هو عليه غير من ذكرنا من الأمراء؛ فإنهم باينوا طرباى، وانضموا على برسباى ظاهرا وباطنا.
فلما علم برسباى أن هؤلاء الأمراء معه حقيقة قوى قلبه بهم، وألقى مقاليد أمر طرباى فى رقبة الأمير يشبك السّاقى الأعرج أن ينزل إليه، ويعمل جهده فى طلوعه إلى الخدمة السلطانية، ثم سلّط أيضا جماعة أخر على الأمير طرباى يحسّنون له الحضور من الربيع، هذا مع ما يقوى جأشه الأمير تغرى بردى المحمودى فى الإقدام على طرباى ويهوّن عليه أمره، والأمير برسباى يجبن عن ذلك حتى استهل شهر ربيع الأوّل.
فلما كان يوم الثلاثاء ثانية قدم الأمير الكبير طرباى من الربيع، ونزل بداره تجاه باب السلسلة، وتردّد إليه الأمير يشبك الساقى الأعرج، وحسّن له الطلوع بأن قال له: إن كل خشداشيته من الظاهرية [برقوق]«١» معه، وأنهم لا يؤثرون عليه أحدا، وأنه بطلوعه يستفحل أمره، وبعدم طلوعه ربما يجبّن ويضمحلّ أمره؛ فإن الناس مع القائم، وإذا حضرت أنت تلاشى أمر برسباى، وهوّن عليه أمر برسباى، ولا زال به حتى انخدع له وأذعن بالطلوع.
فلما أصبح يوم الأربعاء ثالثه أمسك الأمير برسباى الأمير سودون الحموىّ أحد أمراء الطلبخانات، والأمير قانصوه النّوروزىّ أحد أمراء الطبلخانات أيضا، وكانا من [جملة]«٢» أصحاب طرباى، فعظم ذلك على طرباى، وقامت قيامة أصحابه وحذّروه عن الطلوع فى غده- فإنه كان قرّر مع الأمير يشبك الأعرج الطلوع إلى الخدمه فى يوم الخميس رابعه- فلما وقع مسك هؤلاء نهاه أصحابه عن الطلوع، فأبى إلّا الطلوع ليتكلّم مع الأمير برسباى بسبب مسكه لهؤلاء ويطلقهما منه، فألحوا عليه فى عدم الطلوع، وأكثروا من ذلك، وهو لا يصغى إلى قولهم، وفى ظنه أن