للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يشربه من يد ساقيه، كما جرت به العادة؛ والعادة لها حكم، وهى تثبت عند الشافعية بمرّة واحدة- انتهى.

ولمّا خلع الملك الصالح من السلطنة أدخل إلى أمّه خوند بنت سودون الفقيه ببعض الدّور السلطانية، ودام بها سنين عديدة من غير ترسيم ولا حرج حتى إنه بعد سنين صار يركب وينزل صحبة الناصرى محمد ابن السلطان الملك الأشرف برسباى إلى القاهرة من غير أن يحتفظ به أحد، وحضر معه مرّة مأتم والدته خوند زوجة الملك الأشرف بالمدرسة الأشرفية بخط العنبريّين «١» ، وجلسا فى الملأ بصدر المدرسة، فتعجّب الناس من ذلك غاية العجب؛ كون الملك الصالح المذكور كان سلطانا ثمّ خلع من الملك وبعد مدّة يسيرة صار يركب وينزل إلى القاهرة، ودام الملك الصالح [محمد] «٢» بقلعة الجبل سنين حتى بلغ الحلم، وزوّجه الملك الاشرف [برسباى] «٣» بابنة الأتابك يشبك السّاقى الأعرج، ودامت معه حتى مات عنها فى الطاعون بقلعة الجبل فى ليلة الخميس ثامن عشرين جمادى الآخرة من سنة ثلاث وثلاثين وثمانمائة، وهو فى حدود العشرين سنة من العمر تخمينا، وكان أهوج وعنده بعض بله وسذاجة، مع خفّة وسرعة حركة، وسلامة باطن، وعدم تجمّل فى ملبسه، ولم يكن عنده شىء من الكبر والتّرفّع ولم يتأسّف على الملك أبدا، وكان غالب حواشى الملك الأشرف [برسباى] «٤» يسمّونه فى وجهه سيدى محمد، ويصيحون له بذلك، ومما ينسب إليه من السّذاجة أنّه ركب مرة فرسا ثم طلبه ثانيا فقال: هاتوا فرسى الأبيض، فنهره بعض حواشيه وقال [له] «٥» :

لم لا تقول فرسى البوز، ثم أتى بعد ذلك بمشروب من السّكّر فقال: ما أشرب إلّا فى سلطانيتى البوز، فنهره ذلك الرّجل بعينه وقال [له] «٦» : لم لا تقول سلطانيّتى البيضاء،